
ماذا لو قررت إيران إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي؟
أعلنت إيران أنها قد تضطر إلى إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، حيث شكل هذا الإعلان رسالة إلى الداخل والخارج على حد سواء. فمع تصاعد الحرب بين طهران وتل أبيب وازدياد الضغوط السياسية، تقترب طهران من نقطة اللاعودة في صراعها مع القوى الدولية. فمضيق هرمز لا يعتبر ممر ضيق لناقلات النفط فحسب، بل هو شريان رئيسي في منظومة الطاقة العالمية؛ إذ يمر عبره يوميا ما يصل إلى 30% من صادرات النفط العالمية وثلث الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم.
تهديد إيران بإغلاق المضيق لا يقتصر على الخطاب الدعائي، بل يمثل ورقة ضغط سياسية واقتصادية مركبة تستهدف ثلاث دوائر رئيسية: واشنطن التي تسعى لتفادي الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، الرياض والدوحة اللتان ترتبط موازناتهما ارتباطا وثيقا باستقرار الصادرات النفطية والأسواق العالمية، وخاصة الأوروبية والآسيوية، التي تعتمد على استمرارية الإمدادات من الخليج.
إذا انتقلت إيران فعليا إلى تنفيذ سيناريو إغلاق المضيق، فإن ذلك سيأخذ منحى تصاعديا يبدأ عادة بأعمال غير مباشرة، كالهجمات على السفن التجارية، أو تفجير ناقلات، أو وقوع “حوادث غامضة”. وقد يتطور الأمر إلى زرع ألغام بحرية أو تحرك الأسطول الإيراني لفرض “منطقة خطر” تحد من حرية الملاحة. حتى دون بلوغ الإغلاق الكامل، فإن مجرد التهديد سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تتراوح بين 150 و200 دولار للبرميل، مما ينذر بأزمة طاقة عالمية. في المقابل، قد تلجأ الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى رد عسكري لضمان حرية الملاحة في المضيق.
وبناء على ما تقدم يمكن طرح 3 سيناريوهات مختلفة للحدث وكيفية تدحرج الأمور:
1- سيناريو الإغلاق الهجين للمضيق (جزئي وغير مباشر):
• إيران تزرع أجواء من الغموض.. حوادث على ناقلات النفط، تشويش راديوي، هجمات بالطائرات المسيرة.
• ارتفاع حاد في تكاليف التأمين البحري، حالة ذعر لوجستي، وتحركات بحرية مكثفة من الأسطولين الأمريكي والبريطاني في منطقة هرمز.
• دول الخليج تطرح مبادرات لحل إقليمي دون جدوى تذكر.
2- إغلاق جزئي لمضيق هرمز وتصعيد مباشر:
▪ إيران تعلن عن قيود مؤقتة على المرور، وتباشر عمليات تفتيش موسعة.
• الولايات المتحدة تفعّل الحصار البحري ضد إيران، مع احتمال تنفيذ ضربات ضد البنية التحتية الساحلية الإيرانية.
• هروب جماعي للاستثمارات من المنطقة، صدمة نفطية كبرى، واضطرابات في إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا وآسيا.
3- مواجهة شاملة (إغلاق كلي لمضيق هرمز):
• إعلان إيران الإغلاق الكامل لمضيق هرمز وتحويله رسميًا إلى منطقة نزاع عسكري.
• انطلاق عملية دولية بقيادة الناتو أو الولايات المتحدة.
• انهيار سلاسل التوريد العالمية، دخول دول نفطية كبرى في حالة ركود، واحتجاجات شعبية بسبب ارتفاع الأسعار.
بالرغم من أن خيار الإغلاق الكامل يحمل مخاطر عالية على إيران، إلا أنه يبقى ورقة ضغط فعّالة ورسالة حاسمة للعالم. قد يتحول مضيق هرمز إلى ما كانت عليه قناة السويس في خمسينيات القرن الماضي: شرارة لاشتعال حرب إقليمية قد تفضي إلى إعادة رسم المشهد الجيوسياسي العالمي في القرن الحادي والعشرين.