موسكو تولي اهتماما كبيرا بشؤون الشرق الأوسط وتعتبر توقيع القيادة الفلسطينية على اتفاقية أوسلوا خطأ، وأنباء عن قرب الاجتياح الإسرائيلي لرفح.
تناول وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في حديث مسهب لوسائل الإعلام الروسية مجمل الشؤون الدولية الساخنة وموقف روسيا منها وخاصة ما يتعلق بالأمن الدولي والعلاقة مع الناتو التي تزداد سوءا مشيرا إلى احتمال زيادة شراسة المواجهة بين روسيا والصين من جهة والغرب من جهة ثانية، وكذلك وآفاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وغيرها من المسائل الحساسة.
ولم يكن صدفة أن يولي الوزير الروسي أهمية خاصة لشؤون الشرق الأوسط، فهو حاليا المنطقة الأكثر تأججا في العالم والتي تنذر باتساع رقعة المواجهات فيها فالمثل القائل استعد للحرب إن كنت تريد الحصول على السلام قد ينطبق على الجميع عدا إسرائيل.
وأوضح لافروف أن ظاهرة انتشار التطرف تتغذى بالدرجة الأولى من بقاء المشكلة الفلسطينية حتى الآن دون حل منذ 75 عاما، ولأن دولة إسرائيل تشكلت عام 1948 لكن دولة فلسطين لم تتشكل حينها.
والملفت للنظر أن وزير الخارجية الروسية اعتبر التوقيع على اتفاقية أوسلوا خطأ ارتكبته القيادة الفلسطينية، على مبدأ “من جرب المجرب كان عقله مُخرَّب” فهي من جهة برعاية أمريكية ومن جهة ثانية كانت جسرا لسحب صفة العنصرية عن الحركة الصهيونية. ونوه لافروف بأن الرباعية اقترحت على مجلس الأمن بعد تشكيلها خارطة طريق لإقامة الدولة الفلسطينية، وتم الاتفاق حتى على بعض التغييرات على الأرض. ويطرح السؤال نفسه وماذا حل بخارطة الطريق هذه؟
ونوه الوزير الروسي بأن نتنياهو أعلن بوضوح أنه لن يعمل على إنشاء الدولة الفلسطينية بل سيكرس جهده لأمن إسرائيل، وتبرز عبارة لها مدلولها البسيكولوجي وذلك قوله “أنه يجب على العرب أن يأخذوا بيدهم زمام المبادرة وأن يدعموا القوى الخيرة، ويأخذوا هم بأيديهم مسألة إنشاء الدولة الفلسطينية” ما يوحي بأن هناك تشككا ضمنيا في احتمال عدم دعم بعض حكومات الدول العربية لهذه الجهود، أو عدم اهتمامها بهذه المسألة.
وكان بديهيا أن يتناول لافروف الوضع حول مدينة رفح التي تشير كثير من المعطيات أنها تعيش مرحلة ارهاص قبيل الهجوم الذي أعلنت إسرائيل أنها تنوي تنفيذه، حيث أوضح لافروف أن الوضع غامض، ولا يعرف بعد كيف ستنتهي الأمور هناك حيث يوجد مليون ونصف المليون لاجئ.
يجيء ذلك متزامنا مع ما نشرته صحيفة هأرتس الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي يبني ويطور بؤرتين استيطانيتين عند الطريق الاستراتيجي الذي يقسم عمليا قطاع غزة إلى قسمين فيما يسمى ممر “نتساريم”، وتقع إحدى هاتين البؤرتين عند مفترق طريقي نتساريم وصلاح الدين، والأخرى عند ملتقى الطريق الساحلي لغزة.
وتوضح الصحيفة ذاتها بأن هذه الخطة تهدف إلى تمكين الجيش الإسرائيلي من مراقبة حركة الفلسطينيين من الجنوب إلى الشمال وزيادة السيطرة على الأوضاع، الجدير بالذكر أن ممر نتساريم نفسه ما زال من بين النقاط المطروحة للتفاوض بين إسرائيل وحركة حماس.
في غضون ذلك لم تهدأ العمليات الإسرائيلية والتي توسع دائة الخراب وتزيد عدد القتلى والجرحى كل يوم، وإن كانت غزة قد حازت قبل حين صفة مقبرة الأطفال، فإنها اليوم أشبه ما تكون بمقبرة جميع سكانها الذين لا يدرون ماذا يفعلون تجاه هذه السادية المفرطة، فقد رسم مراسل روسيا اليوم صورة مؤلمة عن عمليات القصف والغارات الإسرائيلية بما في ذلك قصف بيوت المدنيين فوق رؤوس ساكنيها وخاصة في شمال غزة في بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم الشاطئ ومنطقتي السكة وتل الزعتر في مخيم جباليا الأمر الذي يتكرر يوميا وبات من طبيعة الحياة الاعتيادية لدى الغزاوين.
الأخطر في هذا وذاك أن معظم المعطيات باتت تشير إلى احتمال قيام إسرائيل باقتحام قريب لمدينة رفح، حيث تشير بعض المعطيات إلى نزوح اضطراري جديد للفلسطينيين من رفح نحو خان يونس والمنطقة الوسطى والشمال، ويقدر عدد الذين نزحوا حسب بعض المصادر بربع مليون لاجئ، حيث أكد نتنياهو عزمه على اقتحام رفح رغم جميع التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية مذهلة.