
كشف ما خفي من انهيار الجيش الإسرائيلي استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي هاليفي
“التعيينات الجديدة ليست مفعّلة، وبالتالي فإن ثلث الجيش وثلث القيادة مجمّد، هناك قيادات ميدانية لكنها قتلت، وعديد الضباط المؤهلين لمثل هذه المناصب أغلبهم قتلوا، لأن استهداف المقاومة كان استهدافاً نوعياً وصل إلى حدود نائب قائد فرقة. باستقالة هليفي وبن غفير يبقى من رباعي الحرب نتنياهو وسموتريتش، والأخير يريد أن يجرب ترامب في شمال الضفة، لأن مسألة غزة انتهت، هل يمكن ضم الضفة؟ هذا هو السؤال المطروح الآن ما بين نتنياهو وسموتريتش في معركتهما القاسية من أجل ضم الضفة أو ضم شمال الضفة كخطوة أولى تُفرض على ترامب. لأول مرة في تاريخ “الكيان” يهيمن الصف السياسي على الجيش، ليصفّي ما يريد، ويُصعّد ما يريد، ويعين ما يريد، بعيداً عن الخبرة والمهنية. يبدو أن ما يحدث في شمال الضفة عموماً وجنين خصوصاً سيكون الفيصل”.
استقالة رئيس أركان جيش “الكيان” هليفي، والتي ستدخل حيّز التنفيذ في السادس من آذار2025، أي أننا أمام أفق ل 60 يوماً على الأقل، ومع ذلك فإن هذه الاستقالة تُشكّل صعوبة كبيرة للغاية قد تؤدي إلى انهيار الجيش لسبب بسيط جداً وبمعادلة دقيقة للغاية. فمن جهة أولى وزير الدفاع الجديد كاتس، وهذا التيار السياسي الليكودي الذي ينتمي إليه، لا يرغب في أية تعيينات، كل التعيينات التي أتى بها هاليفي توقفت، وذلك قبل معركة جباليا وبيت حنون. إذا كانت هذه المسألة الرئيسة الأولى، إذ الجيش من دون تعيينات، وأصبح اليوم الاحتياط أقوى من النظامي في إدارة الجيش، وهذا لا يسمح بحرب كبرى وحرب حقيقية واسعة أمام اتساع العمليات والانتشار في سوريا لحوالي ال 1000 إلى 1253 كيلومتراً مربعاً. هذه مسألة أولى التعيينات الجديدة ليست مفعّلة، وبالتالي فإن ثلث الجيش وثلث القيادة مجمّد، هناك قيادات ميدانية لكنها قتلت، وعديد الضباط المؤهلين لمثل هذه المناصب أغلبهم قتلوا، خصوصاً بالنسبة للواء المدرع على سبيل المثال401، وكوارث الفرقتين 98 و89 وفرقة المظليين، والتي كانت خسائرها كبيرة على صعيد القيادات والضباط، لأن استهداف المقاومة كان استهدافاً نوعياً وصلت إلى حدود نائب فرقة.
بالنسبة لقادة الكتائب، نؤكد على أن حوالي62% من القيادات الهامة للمواقع قتلت في غزة، حيث لدينا عديد من الضباط الكبار والقادة والاستراتيجيين والاستخباراتيين قتلوا، وهناك جسم كامل انتهى من وزارة الدفاع. وهم يمثّلون الركيزة الأساسية بالنسبة للجيش الإسرائيلي. وتأتي استقالته هليفي وما سيتبعا من استقالة كل من كان في السابع من أكتوبر، لتمثّل شطباً لأهم القيادات. وهو ما يعني أن قيادة كاملة إما سحقت في أراضي المعركة أو استقالت بسبب السابع من أكتوبر، أي أن هذه الشريحة كلها قد أزيلت، وهذا قد يخلق أزمة قيادة واضحة، ويتطلب من جيل بكامله أن يتقدم من أجل تعويض كل المسؤولين عن السابع من أكتوبر، وهؤلاء أيضاً دُفعوا إلى المعارك وقتلوا، حيث لدينا النخبة الأولى يجب أن تستقيل، والنخبة الثانية قتلت، والتعيينات الممكنة أيضاً الآن لا يمكن التوقيع عليها من طرف كاتس إلا بملامات مع الأرثوذكس أو مع خيارات أكثر تطرفاً. ولابد هنا من الإشارة إلى شيء هام جداً أن هليفي هو أول أرثوذكسياً تقريباً متطرفاً أو قد نقول عنه أنه شديد الحيطة، أول أرثوذكسي في الجيش الإسرائيلي يدير المخابرات العسكرية، وهذه نقطة وميزة رئيسية له لن تجدها في أي جنرال آخر، وهو ما جعله يتجاوز مع الجيش مشكلة الاستخبارات والتعاون مع الموساد والشاباك، وهذا امتياز خاص به، من ناحية التديّن والتعاون مع الأجهزة دون الدخول في أي صراعات معها، ونجح هليفي في كل من لبنان عبر الموساد والتعاون مع السي إي إي. كما أنه إلى الآن لا يزال ضمن المستوطنين في الضفة المحتلة. وهو ما أعطاه هذه الهرمونية مع باقي الأجهزة، وجعل الموساد والجيش والشباك صفاً واحداً في هذه الحرب، ويبدو أن اختياره لرئاسة الأركان كمستوطن وأرثوذكسي كان مدروساً.
وباستقالة هليفي وبن غفير يبقى من رباعي الحرب نتنياهو وسموتريتش، والأخير يريد أن يجرب ترامب في شمال الضفة، لأن مسألة غزة انتهت، هل يمكن ضم الضفة؟ هذا هو السؤال المطروح الآن ما بين نتنياهو وسموتريتش في معركتهما القاسية من أجل ضم الضفة أو ضم شمال الضفة كخطوة تُفرض على ترامب. هنا يمكن أن تخسر اسرائيل ترامب نهائياً في حال لم يساعد في ضم شمال الضفة، هنا سموتريش يلعب اللعبة مع السور الحديدي أو السيوف الحديدية رقم اثنين ضد مخيم الجنين وأن يكون كما مخيم جباليا. هذا هو التطور الأساسي بالنسبة لمعركة جنين ولا بد من هليفي من أجل إتمام هذه المهمة، لذا جاءت الاستقالة بعد شهرين ويزيد أي إلى حدود السادس من آذار. ومجرد إعلان الاستقالة سيسمح الآن بتمرير التعيينات، لأن مسألة التعيينات الآن يجب أن تمر، وأن لا يترك الجيش للفراغ، وإلا سينهار الجيش. والجيش لابد له من عملية من أجل تمرير هذه الخطوة دون آثار بعد وقف الحرب الميدانية التي لم يستطع هليفي مواصلتها في غزة نتيجة الضغوط والأسرى.
ويبدو أن ما يحدث في شمال الضفة عموماً وجنين خصوصاً سيكون الفيصل، وما ستسفر عنه هذه المواجهات ستضعنا أمام انهيار واقعي للجيش، لسبب بسيط جدا، لأن العملية الجراحية في حال فشلها في جنين، رغم ما ستسببه من دمار شبيه بغزة، وقد يوحد الجبهتين معاً، وهذا كله سيضع إدارة ترامب أمام مأزق فهو سيترك الوضع إلى حين، ولكنه سيضطر للتدخل لاحقاً. كما أن أي فشل سيؤدي إلى تفكك الجيش، وهذا خطير جداً، لأن العملية عملية صعبة بمشاركة 21 كتيبة الآن، وسيكتشف الجميع أننا أمام صعوبة عملانية كبيرة ودقيقة إلى أبعد حد. الامر الذي سيجعل من استقالة هليفي ومن تمرير التعيينات بعد الاستقالات لثلة من قادة الجيش، تفسح المجال ولأول مرة في تاريخ “الكيان” أن يهيمن الصف السياسي على الجيش، ليصفّي ما يريد، ويُصعّد ما يريد، ويعين ما يريد، بعيداً عن الخبرة والمهنية.