• معظم الروايات عن ظهور أجسام فضائية هي في الواقع أجسام تجسسية، وحتى الكائنات الفضائية التي عرضت في المكسيك تثير الشك لا اليقين.
من جديد تثار حالة من الهلع والتوجس، عبر الضحك على ذقون السذج، ومن “أمريكا” أكبر المروجين لهذه الأطروحات العجائبية التي تظهر بين حين وآخر، حيث نقلت وسائل الإعلام الأمريكية أجواء الحملة الواسعة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل خبر ظهور صحن طائر فوق نيويورك هذه المرة.
وكنوع من التوثيقية يتم عادة ذكر بعض المواقع والأسماء، ففي هذه المرة ظهر الصحن الطائر فوق نيويورك، وقد التقطت راكبة في رحلة تجارية فوق مطار لاغوارديا تسجيل فيديو لهذه الأعجوبة، واسم الراكبة ميشيل رييس، هل تريدون أدلة أقوى من ذكر المكان واسم الراكبة وتسجيل الفيديو؟ وتقول الراكبة ميشيل أنها أرسلت خطاب إلى إدارة الطيران الفيدرالية تخبرهم بما رأته، فقد خشيت أن يشكل الجسم الذي رأته تهديدا لأمن البلاد، لكنها لم تجد إذنا صاغية بل حتى لم يرد عليها أحد بشكل مباشر.
وقد اهتم بالأمر مدير شركة “الشبكة المتبادلة للأجسام الطائرة المجهولة” “ويرتمان” من ولاية أوهايو، فقام بنفسه بتدقيق اللقطات المتداولة فتبين له أن هذا الجسم الطائر كان يحلق على ارتفاع 2500 متر، وكان غير بعيد عن الطائرة التي تقل تلك الراكبة، وهي تستعد للهبوط، ولا معلومات غير ذلك سوى أنه يستبعد كخبير أن يكون هذا الجسم طائرة حوامة أو مسيرة بدون طيار. وقد استجابت إدارة الطيران الفيدرالي فيما بعد وقالت أنها كلفت فريقا مختصا بمتابعة هذا الحادث الغامض.
ولكن لماذا تسمى هذه الأجسام المجهولة بالصحون الطائرة؟ يعود الأمر إلى أن الطيارين الأمريكيين يصفون ما يرونه أحيانا من أجسام غريبة أثناء تحليقاتهم بأنها أقرب ما تكون إلى صحن الطعام، وقد بدأ طرح تسمية الصحون الطائرة عام 1930 من خلال شهادات بعض الطيارين الأمريكيين، ثم تبين فيما بعد أن مثل هذه الأجسام هي مناطيد أمريكية للتجسس ، وقد أعلنت واشنطن عن اكتشاف حطام صحن طائر عام 1947 وتبين لاحقا أيضا أنه منطاد أطلق للتجسس على الاتحاد السوفييتي، وما يتم الحديث عنه اليوم فوق نيويورك لن يكون سوى جهاز تجسسي من نوع جديد، وليس مركبا من عوالم أخرى، وحادثة إسقاط المنطاد الصيني لا تزال ماثلة في الأذهان.
عموما يبدو الهدف الحقيقي وراء طرح مثل هذه المعلومات هو التغطية على النشاطات التجسسية، ومن أشهر هذه الحوادث قصة الطاهيين اللذين كانا يعملان في بلدة بيتلوكري في بريطانيا حيث شاهدا في 4 أغسطس عام 1990 طبقا طائرا ضخما فخافا وتخفيا وراء الأشجار والتقطا بعض الصور حيث ظهرت في المكان بعد قليل طائرة حربية بريطانية وقد تم التكتم على حيثيات الحادثة واختفى الطاهيان أو لم يعودا يظهران للعلن، ويرجح أيضا أن الأمر يتعلق بجسم تجسسي أمريكي.
ناهيك عن الرؤى الخيالية نتيجة عوامل عديدة حيث يكون السراب أشكالا تبدو للخائف أجساما غريبة وتتحول مع الزمن إلى اسطورة كسفينة الأشباح التي تظهر للبحارة ولا ترسو أبدا وتسمى ” الهولندي الطائر” وهي قصة مثيرة تحتاج إلى مادة مستقلة.
وقد يبدو الجسم الطائر قريبا في منظره الخارجي من منظر “صحن فتوش” مثلا، خاصة أن أجهزة الإعلام تضع الكثير من التوابل الصحفية في حديثها عن مثل هذه الظواهر الغريبة، بما في ذلك المبالغات التي تثير هلعا لدى الناس كالحديث عن القبض على بعض الكائنات الفضائية التي لها أشكال عجيبة وتكوين خاص للجمجمة وقد تم عرض مثل هذه الجثث في المكسيك بأجسام صغيرة، وأثيرت عندها ضجة هائلة ، ومع ذلك لم تثبت الدراسات العلمية صحة الانتماء الفضائي، ويرجح أن تكون هذه الجثث مجرد دمى أتقن صنعها، أو ويكون الكائن مجرد مسخ بشري نتيجة تشوهات ولادية.
خلاصة القول أن معظم الدراسات والأبحاث الكونية العلمية الجادة والتي تقوم بها مؤسسات علمية فضائية، تؤكد أن لا وجود لحياة عاقلة في كواكب مجموعتنا الشمسية، والكواكب التي تشابه ظروفها ظروف كوكبنا في مجرتنا أو مجرات قريبة تحتاج إلى ملايين السنين للوصول إليها أو وصول مراكب محتملة منها، وذلك إن تم ابتكار جسم طائر ينطلق بسرعة الضوء، ونحن لا نستثني ضمن هذا العدد المذهل من المجرات والكواكب فيها احتمالات وجود كوكب نشأ فيه نوع من الحياة المتطورة، ولكن حتى الان -ربما للأسف- تشير معظم الدلائل إلى اننا وحيدون ككائنات واعية في هذا الكون، ما لم تظهر معطيات علمية موثوقة عن اكتشاف كائنات واعية أخرى قد يكون لها أشكال أخرى حسب ظروف هذا الكوكب أو ذاك، وليس عبر فانتازيا الخيال العلمي، والذي بدأ بالمناسبة في هذا المجال عبر فيلم صامت عن رحلة متخيلة إلى القمر عام 1902 للسينمائي الفرنسي جورج ميلييس، لا يخلو من مشاهد استعراضية طريفة تصل فيها كبسولة تحمل البشر إلى القمر، وقد انتجت حتى الان مئات الأفلام حول رحلات بين الكواكب فالخيال البشري لا حدود له.