مخاضات صاخبة لجبل الدول السبع لولادة الفأر “عطفا على مقالة سابقة”
ماتريوشكا نيوز – موسكو
• أرادت الدول الغربية بعقوباتها وحصارها أن ينهار الاقتصاد الروسي وإذ بروسيا تتفوق على اليابان وألمانيا بمعدل القوة الشرائية
اقتراب الامتحان
كنا قد توقعنا في وقت سابق أن يقتصر زعماء الدول السبع الكبرى في اجتماعهم في إيطاليا أواسط الشهر الحالي لبحث التعامل مع الأصول الروسية المجمدة أن تقتصر إجراءاتهم على استخدام عائدات هذه الأصول، وعدم مصادرتها رغم التصريحات الطنانة التي كانت توحي بخطوات نوعية، ونؤكد هنا توقعاتنا هذه.
ومن الواضح أن هذا اللقاء سيكون امتحانا رهيفا لقادة الغرب الذين لو كان بإمكانهم لما اكتفوا حتى بمصادرة هذه الأصول، لكن المقدمات التي تتبدى عبر التصريحات الرسمية تؤكد ما ذهبنا إليه، ولكن الزخم الإعلامي قبيل اجتماع القمة، وأثناءها وما بعدها سيوجه حممه نحو روسيا وإدانتها، ووصفها بكل النعوت السلبية، وهذا بحد ذاته سلاح العاجز المهزوم رغم جبروته، لا المنتصر المتعالي بفوزه عن الشتائم.
ويلفت النظر بشكل ساطع أن محاولة الدول الغربية بعقوباتها على روسيا، وحصارها لدفع الاقتصاد الروسي إلى الانهيار قد أعطى نتائج عكسية حين اعتمد الروس على اتجاهين رئيسيين الأول زيادة الاعتماد على الذات، والثاني التوجه شرقا وتوسيع التعاون مع الدول الشرقية، وتحويل ما كانت تصدره للغرب إلى الدول الشرقية حتى أن الرئيس الروسي أعلن أن روسيا سبقت بالفعل اليابان وألمانيا بحجم الاقتصاد قياسا بالقوة الشرائية، وذلك باعتراف البنك الدولي، الذي أكد أن الاقتصاد الروسي يحتل المركز الرابع عالميا كناتج محلي في نسبة القوة الشرائية وتأتي اليابان وألمانيا بعده.
تمهيد متفائل
كان واضحا خلال الآونة الأخيرة أن الغرب يحشد قواه المالية والتعبيرية للإيحاء بأن الطامة الكبرى ستقع على رأس موسكو في المجال المالي، وبالتالي الاقتصادي وفي أواسط يونيو الحالي حيث سبق وأن أوضح وزير الاقتصاد الإيطالي جيورجيتي أن وزراء مالية مجموعة السبع الصناعية الكبرى أكدوا مجددا دعمهم الكامل لأوكرانيا في إطار اجتماعات صندوق النقد الدولي، وأنهم عاقدو العزم لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا، والمقصود هنا هو شراء أسلحة لها ودعم ميزانيتها بالأموال الروسية، كما دعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت لويز يلين في وقت سابق إلى حل جذري يتمثل في مصادرة الأصول الروسية، وعدم الاكتفاء بالاستفادة من فوائدها، وحين انعقد اجتماع وزراء مالية الدول السبع في 23-25 مايو الفائت في بلدة ستريسا في إيطاليا -وهي بالمناسبة ترأس مجموعة السبع حاليا- توقع الجميع الخروج بإعلانات تهز العالم لكن اجتماعهم لم يستطع هز غصن شجرة ، فقد أدركت الدول الغربية أنها تلعب بالنار، وأن مثل هذه القرارات سرعان ما تنعكس على مؤسساتهم المالية حين تفقد دول العالم الثقة بها لتجاوزها القانون الدولي، ناهيك عن مخاطر استفزاز موسكو ودفعها نحو خطوات جوابية في إطار الرد بالمثل، خاصة أن الرئيس الروسي بوقت متزامن مع اجتماع وزراء مالية الدول السبع وقع مرسومه الشهير الذي يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة ومواطنيها وشركاتها، ردا على مصادرة أصول روسية بما قيمته قرابة 5 مليارات دولار لا غير، فكيف سيكون الأمر مع مصادرة قرابة 300 مليار دولار، وقرار الرئيس الروسي يقول عمليا: هذا سيكون مصير أصولكم أيضا.
محاولة أمريكية فرنسية لها طابع المراوحة
فقد أعلن الرئيس الأمريكي بايدن أنه تم التوصل مع نظيره الفرنسي ماكرون بشأن استخدام أرباح الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا، وتسعى واشنطن لتحويل أرباح الأصول الروسية لسداد قرضها الذي توجهه لأوكرانيا، أي لا جديد والحديث عن أرباح الأصول الروسية كمراوحة في المكان، كما سارع الرئيس الفرنسي الذي غدا من أكبر المتحمسين ضد روسيا ومعاقبتها بأي شكل وبأي ثمن حتى عسكريا ،سارع إلى التعبير عن أمله في أن تؤكد دول مجموعة السبع التزامها بتخصيص 50 مليار دولار لمساعدة كييف في قمة إيطاليا الوشيكة، مشيدا بالنهج الذي تتبعه باريس وواشنطن في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا ودون تراجع في الوتيرة، وطالب بمناقشة القضايا المتعلقة بمساعدة أوكرانيا أيضا في مؤتمر السلام حول أوكرانيا يومي 16 و 16 يونيو في سويسرا وكذلك في قمة الناتو التي ستعقد في يوليو في واشنطن، والغريب والمثير في الأمر أن المؤتمر الذي سينعقد لبحث سبل السلام بين روسيا وأوكرانيا لم تُدع إليه روسيا رغم دعوة 160 وفدا بما في ذلك دول العشرين وروسيا واحدة في هذه المجموعة، ودول بريكس وروسيا مؤسسة في هذه المجموعة، ولكنها استثنت من الدعوة، ولهذا لم يكن صدفة أن يعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن انعقاد هذا المؤتمر “طريق مسدود ولن يؤدي إلى أي مكان”.