إسرائيل تستخدم طالبي اللجوء في عملياتها الحربية في قطاع غزة مقابل مساعدة في الحصول على مكانة قانونية
“على الرغم من أن مسألة منح طالبي اللجوء الذين ساعدوا في الحرب مكانة قانونية في إسرائيل قد تم فحصها بضع مرات، إلا أن أحدًا منهم لم يحصل عليها فعليًا. وإلى جانب ذلك، فقد طلب جهاز الأمن إعطاء المكانة القانونية لأشخاص آخرين ساعدوا في القتال”.
تحت العنوان أعلاه كشفت “هآرتس” عن سبق صحافي لكلّاً من “ينيف كوبوفيتش وبار بيلج”نشرته يوم 19/9 الجاري جاء فيه: “جهاز الأمن يستخدم طالبي اللجوء من أفريقيا في عملياته الحربية في قطاع غزة وسط تعريض حيواتهم للخطر ويعرض عليهم، في المقابل، مساعدة في الحصول على مكانة قانونية دائمة في دولة إسرائيل ـ هذا ما تكشف عنه إفادات حصلت عليها صحيفة (هآرتس). واستنادًا إلى مصادر أمنية، فقد جرى هذا الأمر بطريقة منظمة وبمرافقة الاستشارة القضائية في جهاز المن، إلا أنّ الجانب القيميّ في تجنيد طالبي اللجوء لم يخضع للبحث أو النقاش، مطلقًا. وحتى الآن، لم يُمنَح أحدٌ من طالبي اللجوء الذين شاركوا في العمليات الحربية أية مكانة قانونية. يعيش في إسرائيل نحو 30 ألفًا من طالبي اللجوء الأفارقة، غالبيتهم من الرجال الشباب. نحو 3,500 منهم سودانيون يتمتعون بمكانة مؤقتة حصلوا عليها من خلال المحكمة، حيال عدم الحسم في طلبات اللجوء التي قدموها، حتى الآن. خلال هجوم يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل ثلاثة من طالبي اللجوء. في أعقاب ذلك، تطوع كثيرون منهم في قطاع الزراعة وفي غرف الحرب المدنية، وكان بينهم أيضًا من طلب التطوع في صفوف الجيش الإسرائيلي. في الوقت ذاته، أدرك الجهاز الأمني أن بالإمكان استغلال رغبة طالبي اللجوء في الحصول على مكانة قانونية دائمة والاستعانة بهم”.
وتابع: “جنود في رفح، في نهاية الأسبوع. (قالوا لي إنهم يبحثون عن أشخاص مميَّزين للانضمام إلى الجيش، وأن هذه حرب وجودية بالنسبة لإسرائيل)، قال (أ) أحد طالبي اللجوء. كان (أ) قد جاء إلى إسرائيل وحيدًا، دون أبناء عائلته، حين كان في الـ 16 من عمره ولا يزال يعيش فيها منذ ذلك الوقت. المكانة المؤقتة التي حصل عليها تضمن له حقوقًا مماثلة لتلك التي يحصل عليها المواطنون الإسرائيليون، لكنها تحتاج إلى التجديد مرة كل ستة أشهر ولا تضمن له شيئًا من مستقبله. في السابق، كان (أ) قد طلب التجند في صفوف الجيش الإسرائيلي في محاولة منه للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، على غرار ما قعله آخرون من طالبي اللجوء”.
وأضاف: “سألتُهُ “ماذا أستحقّ، رغم أنني لا أبحث عن شيء حقًا”، يستذكر (أ) لقاءه مع مندوب جهاز الأمن”. قال لي “إن سِرْتَ في هذا الاتجاه، فسيكون بإمكانك الحصول على مستندات دولة إسرائيل”. في أحد الأشهر الأولى من الحرب، تلقى (أ) مكالمة هاتفية من الشرطة، وخلالها طلب منه شخص عرّف نفسه بأنه شرطيّ أن يحضر في أقرب وقت ممكن إلى منشأة أمنية دون أن يقدم له أية توضيحات. “تعال، لنتحدث”، قيل له. وحينما حضر إلى تلك المنشأة الأمنية، استقبله أشخاص عرّفهم بأنهم “شباب من الأمن”. “قالوا لي إنهم يبحثون عن أشخاص مُمَيَّزين للانضمام إلى الجيش وأن هذه حرب وجودية بالنسبة لإسرائيل”، قال في حديث مع صحيفة (هآرتس). كان ذلك اللقاء الأول من سلسلة محادثات بين (أ) وشخص عرض نفسه بأنه مندوب جهاز الأمن الذي يجنّد طالبي اللجوء للجيش الإسرائيلي. استمرت هذه المحادثات نحو أسبوعين وانتهت بأن قرر (أ) عدم التجنّد. كان أحد اللقاءات التالية قد جرى في مكان عام. أعطى مندوب جهاز الأمن (أ) مبلغ ألف شيكل نقدًا، تعويضًا عن خسارة أيام العمل بسبب اللقاءات بينهما. وقال لـ (أ) إنه إذا تجند، فسيُطلَب منه الخضوع لدورة تدريب تأهيلية تستمر أسبوعين ينضم بعدها إلى طالبي لجوء آخرين. وتعهد له بأن يكون الأجر الذي سيحصل عليه لقاء خدمته هذه معادِلًا للأجر الذي كان يتقاضاه في عمله”.
واستطرد: “بعد أن كان قد تحدد موعد لتجنيد (أ)، ثارت لديه أفكار أخرى. “كنت أريد الذهاب وكنت جديًا جدًا، لكن أسبوعان من التدريبات ثم المشاركة في الحرب؟ لم ألمس السلاح في حياتي كلها”، أوضح. وإلى ذلك انضمت، أيضًا، خيبة الأمل من أنه لم يُمنَح المكانة القانونية المرجوّة قبل تجنّده والخوف من أن لا يتم الاعتراف به في حال إصابته خلال الحرب. قبل وقت قصير من الموعد الذي كان من المفروض أن يتم تجنيده فيه، أبلغ (أ) مندوب جهاز الأمن بأنه قرر التراجع. وحسبما يقول، فقد ردّ مندوب جهاز الأمن بغضب وعصبية و(قال إنه توقع مني أشياء)، لكنّ الباب لم يُغلق في وجهه نهائيًا. (قال لي تعال لنواصل الحديث، وإن أردت فليكن الانضمام في وقت لاحق).
لا يعرف (أ) سبب توجههم إليه هو بالذات: (لقد قال إنهم يبحثون عن أشخاص مميَّزين. سألتُهُ ما الذي يميزني، فهو لا يعرفني أصلًا). وفقًا لمصادر أمنية، فقد استعان جهاز الأمن بطالبي لجوء أفارقة في بعض العمليات العسكرية، من بينها عمليات أثارت أصداء إعلامية. وعلمت (هآرتس) إن الأشخاص الذين اطّلعوا على هذه الظاهرة أعربوا عن تحفظهم منها، بادعاء إن الأمر يتعلق هنا باستغلال أشخاص هربوا من الحروب في بلادهم هم، أصلًا. لكن هذه المصادر تضيف إنه قد تمّ إسكات تلك الأصوات. “هذا حدث إشكاليّ جدًا”، قال أحدهم. “مرافقة الحقوقيين لا تحل مسألة القيم التي نرغب في العيش بهديِه”.
وخلص إلى أنه “ووفقًا لمصادر تحدثت إلى صحيفة (هآرتس)، فعلى الرغم من أن مسألة منح طالبي اللجوء الذين ساعدوا في الحرب مكانة قانونية في إسرائيل قد تم فحصها بضع مرات، إلا أن أحدًا منهم لم يحصل عليها فعليًا. وإلى جانب ذلك، فقد طلب جهاز الأمن إعطاء المكانة القانونية لأشخاص آخرين ساعدوا في القتال. وعلمت (هآرتس) أيضًا أن وزارة الداخلية درست إمكانية تجنيد أبناء الجيل الثاني من طالبي اللجوء الأفارقة، الذين تعلموا في جهاز التعليم الإسرائيلي، في صفوف الجيش الإسرائيلي. في الماضي، أعطت الحكومة مكانة قانونية لأولاد عمال أجانب، وقد خدم بعضهم في صفوف الجيش الإسرائيلي”.
توضيحات:
• الجسم الأمني الوارد ذِكرُه في التقرير ردّ بالقول إن أعماله تجري وفق القانون
• طريقة استخدام طالبي العمل ـ تحت حظر النشر