تحليل إخباري

هل تنفجر جبهة جنوب لبنان حربا طاحنة بعد اشتعالها النسبي

ماتريوشكا نيوز – موسكو

 

  • أكثر من 5000 صاروخ وقذيفة ومسيرة أطلقها حزب الله على إسرائيل ولا يستثنى دخول المقاومة إلى الجليل في حال وسعت إسرائيل الحرب

 

تساؤلات مشروعة

الحديث عن احتمال وقوع حرب طاحنة بين حزب الله وإسرائيل بات يطل علينا من التصريحات الرسمية من الطرفين أكثر من تكهنات الناس، وتقديرات المراقبين وتوقعات المحللين، ما يوحي فعلا باقتراب ساعة الصفر في جبهة الجنوب اللبناني المشتعلة نسبيا خلال الأشهر الثمانية الفائتة.

فقد قام حزب الله بما لم تستطع أية دولة القيام به حيث بات منذ بدء الاجتياح الإسرائيلي لغزة في أكتوبر من العام الفائت بقصف المواقع الإسرائيلية لتخفيف العبء عن غزة، واستطاع إيقاع خسائر جدية بالمعدات والمباني والأرواح في إسرائيل التي لم تعد تطيق صبرا حسب تصريحات المسؤولين، وخاصة العسكريين مما يدل على أن حزب الله أوجع إسرائيل جديا، وقد اعترف الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله أطلق على إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر أكثر من 5000 صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة مفخخة،  ولكن هل ستُقدم إسرائيل على فتح جبهة الشمال دون إنهاء عملياتها في غزة والانسحاب منها؟ وإن انسحبت من غزة ستكون قد حققت ما يريده حزب الله، وسيوقف قصفه لإسرائيل، فهل ستفتح حكومة نتنياهو المتأرجحة أساسا جبهة الشمال الأمر الذي يكون بدافع الانتقام ليس إلا، أم أنها ستقوم بذلك تحديدا في محاولة لإبعاد شبح ترسيخ طلب استقالتها أو سحب الثقة منها؟ وهل ستتحمل إسرائيل حربا جديدة واسعة بكل تداعياتها؟

 

إعلانات خطيرة

تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل وصل إلى مرحلة يمكن وصفها بالتصعيد غير المسبوق، هذا مع إعلانات حزب الله المتكررة بأن قصفه لمواقع انتشار الجيش الإسرائيلي هو دعم للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حتى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال بأن حزب الله بدأ الحرب، وعلى إسرائيل أن تغيَّر هذا الوضع القائم، ويجب عليها أن تستعد وتتابع الاستعداد لمواجهة أي تهديد سواء في الدفاع أو الهجوم، مؤكدا أن الوضع في الشمال سيتغير بتسوية سياسية أو بعملية عسكرية واسعة النطاق، على أن هذا الإعلان لا يعني أن إسرائيل قادرة فعلا على تغيير الواقع كما تشاء، فقد أعلن السيد نصر الله الأمين العام لحزب الله: “أن تهديد “إسرائيل” بالحرب على مدى ثمانية أشهر لا يخيفنا، وهناك أناس يقيمون هذا الاحتمال على أنه جدي، نحن كمقاومة حضّرنا أنفسنا لأسوأ الأيام والعدو يعلم ما ينتظره، ولذلك بقي مرتدعا” ثم أضاف : ” العدو يعلم أنه لن يبقى مكان في الكيان سالما من صواريخنا ومسيراتنا وليس عشوائيا، ولدينا بنك أهداف حقيقي وكبير، ولدينا القدرة على الوصول لهذه الأهداف بما يزعزع أساس الكيان” طبعا مع التنويه بأن العدو الإسرائيلي يعرف ما ينتظره في البحر المتوسط وهو تهديد واضح وصريح يشمل كل موانئ إسرائيل وسفنها العسكرية وغير العسكرية، الجدير بالذكر أن قسما كبيرا من سكان شمال إسرائيل نزحوا عن بيوتهم منذ أشهر طلبا للأمان، وستكون إسرائيل بين نارين في إمكانية إعادتهم إلى بيوتهم وأن يكونوا فيها آمنين، وهذا يتطلب وقف العمليات العسكرية في غزة والتفاهم مع حزب الله، أو إشعال الحرب عندها يكون النازحون من شمال إسرائيل غير آمنين هم ومن يأويهم، لأن جميع المناطق في إسرائيل ستكون تحت مرمى صواريخ حزب الله، بل لا يُستثنى أن تدخل المقاومة إلى الجليل إن قررت إسرائيل توسيع الحرب، لا بل أبعد من ذلك فقد أعلنها يوم أمس بكل صراحة السيد نصرالله بأنه حتى اذا ما فكرت قبرص بمساندة إسرائيل عسكريا فإنها ستكون هدفا مشروعا للمقاومة.

علما أن صواريخ ومسيرات حزب الله تصل إلى عدة دول أوروبية قد تفكر بمساندة إسرائيل، وأقربها لمدى تلك الصواريخ والطائرات المسيرة هي قبرص.

 

دخول واشنطن على الخط

وكان بديهيا أن تسارع الولايات المتحدة لمحاولة معالجة الوضع فهي يهمها أمن إسرائيل حتى أكثر من أمن الولايات المتحدة، حيث أعلن آموس هوكشتاين المبعوث الأمريكي إلى لبنان أن الأوضاع على جانبي الحدود خطيرة جدا، وطالب بإيجاد حل سياسي، وأكد أن واشنطن تسعى لتجنب حدوث مواجهة تتحول إلى حرب أكبر بعد تصاعد إطلاق النار المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، ونوه بأن هذه السبب بالذات هو الذي دفع بالرئيس بايدن إلى إرساله إلى لبنان، وذكّر بأن المقترح الذي تقدم به بايدن يتضمن إنهاء الحرب في غزة، وأن مباحثاته مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي تهدف إلى تجنب تصعيد أكبر، ولابد من وضع حلول للنزاع الذي تطور بين إسرائيل وحزب الله، معتبرا أن وقف إطلاق النار في غزة سيؤدي بالضرورة إلى إنهاء التصعيد على الحدود بين لبنان وإسرائيل عبر حلول دبلوماسية.

إذن تعود جميع الأمور إلى نقطة البداية، وهو أن على إسرائيل وقف عدوانها قبل أن تطلب من حزب الله وقف قصفه لمواقعها، ويبدو من قراءة ما وراء السطور تدل على أن مثل هذا المَخرج يمكن أن يلاقي القبول لدى الطرفين، فحزب الله عبَّر عن استعداده لأي سيناريو محتمل، لكنه واضح منذ البداية بأن قصفه للمواقع الإسرائيلية هو للتخفيف عن غزة ، وقد نقلت صحيفة “يدعوت أحرونوت” عن مسؤول سياسي إسرائيلي كبير بأن لا حصانة حتى لبيروت إن اشتعلت الحرب الكبيرة بين الطرفين، لكنه أوضح أيضا بأن العدَّ التنازلي للرد الإسرائيلي قد بدأ، ولن يوقفه إلا قبول حزب الله بعرض المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، ماذا يعني ذلك؟ يعني ضمنيا أن إسرائيل قد تذعن في نهاية المطاف وتنسحب من غزة، لأن المبعوث الأمريكي ربط أيضا بين تهدئة الأوضاع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ووقف إطلاق النار في غزة، ومع ذلك نرجح أن تعمل واشنطن باتجاه أن تكون إسرائيل هي الرابحة، لكن لذلك وقفة أخرى مع المستجدات التي يمكن أن تنشأ في هذا المجال.

 

 

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى