باتت محاور سياسة نتنياهو وزمرته المتطرفة تجاه غزة واضحة المعالم وقد تمثلت، أولا بوضع العراقيل أمام مبادرات صفقة التبادل ووقف الحرب لإفشالها وكسب المزيد من الوقت لاستمرار بقائه في الحكم، أي لتحقيق مصالحه السياسية والشخصية.
ثانيا، استمرار وتصعيد عمليات قصف السكان المدنيين بوحشية وإحداث خسائر والقيام بمجازر بشرية يومياً للترويع بدافع التهجير خارج غزة مع ما رافقها خلال هذه الأيام من تلويح إسرائيل بتدمير كامل قطاع غزة، والذي عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة حين قال، أصبح كل مكان في غزة معرض للموت لا يوجد أماكن آمنة أبدا كما يترجم عملياً على الارض. ثالثا، وهو أخطر شيء على المشهد الذي أعلنه الجمهوريون في واشنطن مؤخرا بأن ما يحصل في غزة هو صراع بين الإعتدال والتشدد، أي شطب حقوق الشعب الفلسطيني من جهة ويعني أيضا أن غزة ومن عليها جزء من الكيان، فكيف سيكون الحال اذا ما فاز ترامب في الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني القادم؟ بالطبع ستكون أكثر سوءاً على غزة وعلى المقاومة بشكل عام وعلى إيران والفصائل التي تساندها وتدعمها في المنطقة. وهذا الذي يأمله وينتظره نتنياهو فهو يؤخر كل شيء الى نهاية هذا العام بانتظار مجيء ترامب.
رابعا، عاد الاسرائيليون مجددا بتسريب خطط الإدارة الأمريكية. فقد قام بلينكن بإقناع أنظمة عربية بقبول لجوء أهل غزة إلى مصر والسعودية والأردن وقطر، ليتماشى مع سياسة إسرائيل في تدمير غزة وإفراغها من أهلها.
لذلك النتيجة التي أمامنا مخيبة والوضع خطير والقادم أسوأ، إن إفشال مخططات نتنياهو وزمرته يتوقف على:
1- تاجيج الخلافات الداخلية والتمزق المجتمعي في الداخل الاسرائيلي لمحاولة إسقاط نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.. والتي تشهد تصاعدا في عدة قضايا حيوية ومصيرية خاصة مسألة صفقة تبادل الاسرى ووقف القتال والتي تراهن عليها المقاومة بقوة. أما بخصوص زيارة نتنياهو المقبلة إلى واشنطن آخر هذا الشهر لإلقاء كلمة أمام الكونغرس فقد أحدثت وتحدث المزيد من الانتقادات والخلافات على المستوى السياسي والأمني وخاصة المعارضة وأهالي الأسرى لأن هؤلاء يريدون منه إتمام الصفقة قبل الزيارة حتى إن غالانت وزير الدفاع صرح بأن الصفقة نضجت ولكن نتنياهو يضع العراقيل بفرضه شروط جديدة واذا مضى أسبوعين دون الحال فان
ذلك سيؤدي بمصير الأسرى الى المجهول.
حتى أن الحال وصلت بنتنياهو توقعه بأن يتعرض للاغتيال هو وعائلته، وهذا مؤشر على عمق الأزمة الداخلية.
2- في حال فشل الجمهوريين بالانتخابات القادمة فان هذا سيحبط آمال نتنياهو بالتعويل على ترامب وفريقه.
3- صمود السكان وتمسكهم بالأرض مهما كانت التضحيات، وصمود المقاومة والتركيز على انزال اكبر قدر من الخسائر خاصة البشرية. فاسرائيل تعاني الان من نقص بالطاقة البشرية ومن الاسلحة والمعدات وخاصة الدبابات، ولذلك لجأت وتلجأ الى تجنيد المتدينين، الحرديم.. والى مرتزقة من تركيا والأكراد ومن البدو والدروز بالداخل وعلى المقاومة التمسك بشروطها التفاوضية بشيء من المرونة وعدم الرضوخ للضغوط المختلفة.
4- ضغط عربي ودولي فاعل لإيقاف المجازر والتهجير ووقف الحرب، خاصة وأن هناك الآن فرصة لذلك بترأس روسيا لمجلس الأمن الدولي.
5- تصعيد العمليات من جبهات أخرى، الضفة وجنوب لبنان واليمن والعراق لخلق مزيد من الضغط من جهة والتلويح بحرب إقليمية من جهة أخرى، وهو ما تعمل الإدارة الأمريكية على تجنبه في ظل الحرب في أوكرانيا والتحالف الثلاثي المتمثل في روسيا والصين وكوريا الشمالية.