البركان الذي سيلي الطوفان
لا شك بأن ناقوس الخطر قد بدأ في اسرائيل، وقد تدخل الدولة كلها دوامة لا تنتهي في غزة. فقد صرح عدد من قادة وآمري السلاح البري للجيش الإسرائيلي بأن وضعهم لا يسمح باحتلال قطاع غزة كاملا لأنه سيضطر للتنقل بقواته من مهمة إلى مهمة أخرى ومن مكان إلى مكان آخر، وهكذا سيعود مقاتلي حركة حماس إلى هذه المناطق وسينشأ وضع لا يتمكن فيه الجيش الإسرائيلي من هزم حماس ولا في أي منطقة قتالية واحدة.
إن عدد الجيش الإسرائيلي لا يكفي، فهناك جيش في الشمال وجيش في الضفة، ولكي يذهب الى مكان آخر في غزة عليهم أن يخلوا المكان الأول وما أن يتم إخلاؤه حتى تعود حماس. والهجوم على رفح هو المسمار الأخير في نعش قدراتهم على جعل حماس تنهار وسيلحق ضرر لا يوصف بعلاقاتهم مع الدول الصديقة التي صنعت سلام معهم.
حتى لو دمر الجيش الإسرائيلي أربعة ألوية للقسام في رفح ستكون قوة تابعة للقسام قد رممت نفسها في أماكن أخرى مثل خان يونس جباليا الخ.. وسيذهبون إليها، وزيادة على هذا سيكون من المرجح ان يتأثر السلام بين إسرائيل ومصر البعض يذهب ابعد من هذا الى درجة انه يتمنى ان السلام يكون قد انتهى وهذه ستكون الضربة الأشد على الأمن الإسرائيلي. اذن أن اجتياح رفح عزز عزم المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية كريم خان بإصدار مذكرات الاعتقال الدولية ضد نتنياهو وغالانت وقرار المدعي العام هو وصمة رهيبة على الجيش وعلى الدولة عموما ولن يمحى ابدا وسيلحق أضرار بهم في كافة المجالات وسيصبحون دولة منبوذة في كل العالم.
علما أن إسرائيل الآن تعهدت لأميركا أن تسحب قواتها من رفح فور انتهاء العمليات، لكن العالم يعلم بأنهم سينسحبون من رفح بعد انتهاء العمليات من دون الحاجة بأن يتعهدوا لأميركا وهذا بسبب النقص البالغ في قواتهم البرية. وأخيرا فأن تمجيد غالانت لقدرات الجيش الإسرائيلي وتهديداته لحماس وحزب الله بالأساس هو كلام فارغ علما ان أصوات مدنية وحتى عسكرية تعالت مؤخرا مطالبة بإقالة غالانت من منصبه بشكل فوري فأنه لا يمكن تصديق أي كلام يصدر عن غالانت وان أي يوم يمر يتمسك فيه بمقاليد الحكم سيؤدي الى تدهور اخر في صفوف الجيش بل انه بعد غالانت أتوقع سيطالبون بإقالة رئيس الجيش هرتسي هاليفي، أما نتنياهو فشعبهم فقط سيقيله في انتخابات مقبلة ان لم يحدث أي طارئ مفاجئ.
الظاهرة الجديدة التي تعزز ما ذكرناه هو أن العشرات من الضباط النظاميين وجهوا رسائل إلى قادتهم تفيد بأن استراتيجية القتال مرتبكة وبدون معالم واضحة ثم إلى متى تستمر العمليات! لأن عامل الزمن والاستمرار بالقتال يُضعف القدرات والمعنويات، وهذا لسان حال غالبية الضباط والجنود. إن السياسيين لا يشعرون أبداً بمعاناة الجيش في غزة، إنه الجحيم بعينه. أغلب المتابعين الإسرائيليين وخاصة للشأن العسكري، يؤكدون أن خسائر الجيش أكبر بكثير مما يعلنه المتحدث العسكري هاغاري.
لقد اثبتت الوقائع الميدانية ان الجندي الاسرائيلي يخشى الاشتباك القريب والمواجهة وجها لوجه، ولهذا يعتمدون معاقبة الهدف بالنيران المركزة من الطيران والمدفعية والهاونات. ولهذا تكبد الاسرائيليون صرفيات هائلة بالقنابل والقنابر والصواريخ بكلف مادية ضخمة شكلت عبئاً ثقيلا على احتياطات العتاد في مخازنهم ومخازن شركائهم الغربيين، الأمريكان والبريطانيين والألمان. كما شكلت عبئاً ماليا ضخما على الاقتصاد الإسرائيلي، حاليا أؤكد لكم أن الاقتصاد الإسرائيلي مأزوم جدا وفي طريق التدهور والانهيار. والعامل الاقتصادي هذا هو أحد اهم الاسباب لإطلاق بايدن مبادرة وقف إطلاق النار مؤخرا.
أما بخصوص تصريح يائير نتنياهو من ميامي حول وجوب قيام دولة كردستان الكبرى من أذربيجان حتى كردستان العراق، فإن يائير سبق وأن سبب لنتنياهو مشاكل كثيرة جراء تصريحاته غير المسؤولة، وجوده في ميامي حاليا شكل انتقادا واسعا من المعارضة والرأي العام على أساس أن نتنياهو أبعده عن البلد خوفا عليه من تداعيات الحرب. تصريحه الأخير عن كردستان بائس ولا يعول عليه، هدفه لفت الانتباه عما يجري في إسرائيل ولا يخدم الاكراد ايضا. تصريح فارغ وتافه وغير مسؤول.