“متى يقرر مجلس الأمن والمنظمة الدولية طرد هذا “الكيان” المارق، ومتى تتجرأ الدول الكبرى المقتدرة على استخدام القوة للجم الغطرسة والصلف الإسرائيلي المتمادي، وتطبيق البند السابع بالقوة ، أم أن ذلك حكر على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الاستعماري فقط الذي لا ينتظر قرارات مجلس الأمن، ويُبادر بتدمير دول وقتل ملايين الأبرياء، وشن الحروب وخلق الفتن، وحتى مشاركة كيانها النازي الذي يبدو أنه شبَّ عن طوقها أيضاً”.
ها قد وصل”الكيان” المتغطرس إلى درجة اغتيال مجلس الأمن الدولي بكامل أعضائه هذه المرة “قنصاً”، كما يفعل مع أطفال وفتيات ومسنّي فلسطين ولبنان، وهو البارع في اقتناص أية فرصة سانحة، واختلاق الفرص بنفسه إن لم يجدها. كيف لا وهو يجد أمامه مجلساً تخلّى بمحض إرادته المسلوبة عن مهمته في حفظ الأمن والسّلم الدولي، وانضم إلى جوقة المُكتفين بالتعبير عن القلق والتنديد والتحذير الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، ولا يُعيره هذا الكيان انتباهاً، ولا يحسب له حساباً، ولا يوقف له فعلاً، ولا يحول دون ارتكابه كلّ خروقات القانون الإنساني والدولي عن سبق إصرار وترصّد؟!
مثل هذا السلوك الإسرائيلي الذي بلغ أوجهه في جلسة مجلس الأمن العتيد أمس الأربعاء 30/ 10 الجاري، والتي تمخّضت بعد طول عناء عن الاكتفاء بإصدار بيان متواضع يعبّر من خلاله هذا المجلس الهزيل عن مجرّد “القلق البالغ” إزاء تشريع “الكنيست” بحظر كافة عمليات “الأونروا” داخل “المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية” وطبعاً التي يمكن أن تخضع مستقبلاً لهكذا سيطرة، ويحثّ أو بالأحرى يستجدي الحكومة الإسرائيلية على “الوفاء بالتزاماتها الدولية واحترام امتيازات وحصانات “الأونروا” والوفاء بمسؤولياتها في السماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الكاملة والسريعة والآمنة وغير المعوّقة بجميع أشكالها إلى جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك توفير الخدمات الاساسية التي يحتاج إليها السّكان المدنيون”. ولم ينسَ المجلس ـ والحق يُقال ـ أن يطالب في بيانه المُجمَع عليه “جميع الأطراف بتمكين الأونروا من تنفيذ ولايتها، كما اعتمدتها الجمعية العامة، في جميع مناطق العمليات، مع الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، واحترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية”.
لكن، وكما درجت العادة، ما أن انتهى المجلس من تلاوته لبيانه حتى جاءَه على الفور الردّ الإسرائيلي الجاهز والمُعدّ مسبقاً، وعلي لسان وزارة الخارجية ليؤكد ذات الأكاذيب، ويكرر الاسطوانة المشروخة ذاتها التي سئم من سماعها العالم أجمع منذ أكثر من 76 عاماً مضت: “إسرائيل ما زالت ملتزمة بالقانون الدولي وبضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، من خلال المنظمات الدولية التي بلا أنشطة إرهابية، مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها الكثير”. وكأنها تؤكد: “قافلتنا ستواصل المسير وتشريعنا نافذ بحق الأونروا مهما نبحت الكلاب، كلّ كلاب العالم “. فمتى يقرر مجلس الأمن والمنظمة الدولية على طرد هذا “الكيان” المارق، ومتى تتجرأ الدول الكبرى المقتدرة على استخدام القوة للجم الغطرسة والصلف الإسرائيلي المتمادي، وتطبيق البند السابع بالقوة ، أم أن ذلك حكر على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الاستعماري فقط الذي لا ينتظر قرارات مجلس الأمن، ويُبادر بتدمير دول وقتل ملايين الأبرياء، وشن الحروب وخلق الفتن، وحتى مشاركة كيانها النازي الذي يبدو أنه شبَّ عن طوقها أيضاً!