سواء أصحّت أم لم تصحّ تسريبات وكالتي رويتر البريطانية وشقيقتها “فرانس برس” الفرنسية حول انسحاب قطر من جهود الوساطة في غزة حتى “تبدي حماس وإسرائيل استعداداً صادقاً للعودة إلى طاولة المفاوضات”.. حيث استحوذ هذا الخبر على اهتمام كبير، وجرى تناوله من كافة وسائل الإعلام العالمية والعربية، وكلّ أدلى بدلوه بهذا الشأن، ما فوارق شكلية وجوهرية وزيادة ونقصان، حيث كلّ دلو نضح بما فيه كما هو متوقّع وزيادة.
العربية.نت ـ دبي” نقلت: “مع تعثّر الجولات الأخيرة من محادثات وقف النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، كشف مصدر دبلوماسي أن قطر انسحبت من دور الوسيط الرئيسي في التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن: (الرهائن، وابلغت حماس أن مكتبها في الدوحة) لم يعد يخدم الغرض منه. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويّته (أبلغ القطريّون الإسرائيليين وحماس أنه طالما كان هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكّنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض (منه) وفق وكالة (فرانس برس)”. ثم استدركت فقالت: “من جانبه، أفاد مصدر من حماس لـ (العربية/الحدث) أنه لم يتم إبلاغهم بأي قرارات بشأن إغلاق مكتبهم في الدوحة. وأضاف المصدر أن العلاقة مع الوسيط القطري طيبة، وهو يتفهّم موقفهم بالمفاوضات..”. ثمّ عادت فأضافت: “وكان مسؤول أميركي قد كشف في وقت سابق، أن (الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حماس في الدوحة لم يعد مقبولا)، وفق قوله. وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: (لقد أوضحنا ذلك لقطر بعد رفض حماس قبل أسابيع اقتراحاً آخر لإطلاق سراح الأسرى)، حسب ما نقلت رويترز، اليوم السبت. كما زعم أن الدوحة قدّمت هذا الطلب لقادة حماس قبل نحو عشرة أيّام..”؟!
صحيفة “الشرق الاوسط” التي تُطلق على نفسها “صحيفة العرب الأولى” نشرت اليوم الأحد 10/11 الجاري تقريراً إخبارياً من تل أبيب بعنوان: “إسرائيل ترحب بقرار قطر الانسحاب من الوساطة في المفاوضات مع (حماس)” جاء فيه: “نقل موقع (واي نت) الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي قوله، اليوم السبت، إن بلاده ترحب بقرار قطر الانسحاب من الوساطة في المفاوضات مع حركة (حماس) الفلسطينية. وأضاف المسؤول أنه بمجرد طرد قطر لمسؤولي (حماس) المتواجدين على أراضيها، فان ذلك سيقلص دورها كوسيط، بحسب الموقع الإسرائيلي. وتابع (لطالما ضغطت إسرائيل والولايات المتحدة على قطر للتخلي عن مسؤولي حماس الموجودين في أراضيها). وقال مصدر دبلوماسي لـ(وكالة الصحافة الفرنسية)، في وقت سابق اليوم، إن قطر انسحبت من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت حركة (حماس) أن مكتبها في الدوحة لم يعد يخدم الغرض منه. وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، (أبلغ القطريون الإسرائيليين وحماس أنه طالما كان هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه). ولم يوضح المصدر ما إذا كان مكتب (حماس) قد أُغلق.. وقال المصدر لـ(الشرق الأوسط) إن الحركة أُحيطت علماً بوجود طلب أميركي وضغوط متصاعدة بشأن إخراجها من قطر، لكن الحكومة القطرية لم تطلب أي شيء من قادة الحركة. وأضاف المصدر: (تكرر هذا الأمر مرات عدة (في السابق)، ويبدو أن هذا نوع من الضغوط الأميركية من أجل إجبار الحركة على التنازل في مفاوضات وقف النار) المتعثرة في غزة. كانت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية ووكالات أنباء عالمية قالت إن قطر أبلغت زعماء (حماس) بأنهم لم يعودوا موضع ترحيب. وقالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، إنه تمَّ إبلاغ القادة الفلسطينيين بهذا القرار (في الأيام الأخيرة). كذلك أكّدت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) الطلب الأميركي، ونقلت عن مسؤولين كبار في إدارة بايدن أن قطر أبلغت (حماس) بأنَّ عليها إغلاق مكتبها في الدوحة”؟!
وتحت عنوان” الخارجية القَطَرية: جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس معلقة في الوقت الحالي. واشنطن تطلب من قَطر (طرد حماس) من أراضيها بعد رفضها لصفقة الرهائن” كررت “بي بي سي” ما سبق ذكره، وكأنهم يشربون من نبع واحد ويُملي عليهم شيخ واحد. لكنها أضافت في تقريرها سؤال: “لماذا يوجد مكتب حماس في قَطَر؟” مجيبة بخبث الإعلام الغربي المتصين المفضوح: “استضافت قطر المكتب السياسي لحركة حماس عام 2012. فقد غادر رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك خالد مشعل سوريا متجهاً إلى الدوحة، في أعقاب تفجر الحرب الأهلية وتأييد المعارضة السورية التي خاضت صراعاً دامياً ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ووفقاً لتصريحات عدة مسؤولين أمريكيين وقطريين، فإن استضافة قطر لمكتب حماس جاء بطلب من الولايات المتحدة التي أرادت أن تفتح خطاً غير مباشر للتواصل مع الحركة بغية تهدئة حدة الصراعات التي تنشب بين الفلسطينيين وإسرائيل. وتعرضت قطر لانتقادات إسرائيلية متكررة، ولا سيما من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال إنها تموّل حماس وطالبها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي بالضغط على الحركة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين. وقد وصف وزير خارجية قطر تصريحات نتنياهو حينها بأنها محاولة للمماطلة وإطالة أمد الحرب، مؤكداً التزام قطر بجهود الوساطة وإنهاء الأزمة. وتعرضت قطر أيضاً لانتقادات من المشرعين الأمريكيين بسبب علاقاتها مع حركة حماس. وكتب 14 سيناتوراً أمريكياً جمهورياً في مجلس الشيوخ الأمريكي، الجمعة، رسالة إلى وزارة الخارجية الأمريكية يطلبون فيها من واشنطن تجميد أصول مسؤولي حماس المقيمين في قطر على الفور، وتسليم عدد من كبار مسؤولي حماس المقيمين في قطر، كما طالبوا قطربـ (إنهاء ضيافتها لقيادة حماس). وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أخبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن القادة في قطر وأماكن أخرى في المنطقة أنه (لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور كالمعتاد) مع حماس، وقال القطريون إنهم منفتحون على إعادة النظر في وجود حماس في البلاد عندما يحين الوقت. وكرر رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال العام الماضي قوله إن مكتب حماس موجود في الدوحة للسماح بإجراء مفاوضات مع الحركة، وأنه طالما بقيت القناة مفيدة فإن قطر ستسمح ببقاء مكتب حماس مفتوحاً. ومن غير الواضح عدد مسؤولي حماس الذين يعيشون في الدوحة، لكن من بينهم العديد من القادة الذين يوصفون بأنهم بدلاء محتملون للزعيم يحيى السنوار، الذي قتله الجيش الإسرائيلي في غزة الشهر الماضي”.
بالمقابل أكدت وزارة الخارجية القطرية أن التقارير المتداولة عن انسحاب قطر من ملف الوساطة في غزة “ليست دقيقة”، وأشارت إلى أن قطر أخطرت الأطراف قبل عشرة أيام بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم التوصل لاتفاق. وأضاف بيان لوزارة الخارجية القطرية، أن قطر أخطرت الأطراف أنها “ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توفر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب”. وقال المتحدث باسم الوزارة، ماجد الأنصاري، إن “جهود قطر في الوساطة بين حماس وإسرائيل معلقة في الوقت الحالي”. وأردف “عند توفر الجدية لإنهاء الحرب سنكون في المقدمة لبذل كل جهد لإنهاء الحرب وعودة الرهائن والأسرى”. وأشار إلى أن التقارير المتعلقة بمكتب حماس في الدوحة “غير دقيقة”، مؤكدا أن الهدف الأساسي من وجود المكتب في قطر “هو أن يكون قناة اتصال بين الأطراف المعنية”. وفي السياق ذاته أكدت “حماس أنها لم تتبلّغ بأي جديد حول تواجد عدد من قياداتها في قَطَر بشكل رسمي.
فهل كلّ هذا الفيلم الأمريكي الإسرائيلي العربي مقدّمة لسيناريو متوقّع يستبق ما سينتظر المنطقة من توقعات متباينة لما يمكن أن ينتهجه ساكن “البيت الأبيض الجديد” ترامب وطاقم إدارته، أم رغبة من إدارة بايدن الآفلة بإغلاق ملفاتها التي لم تُغلق بعد بأقل الأثمان أو حتى مجاناً بلا أثمان تُذكر، هذا ما ستنجلي معالمه في الأيام وربّما الأسابيع القليلة القادمة.. وأما دور الوساطة المصرية القَطَرية ـ بما لها وما عليها ـ لجانب الشريك الأمريكي الأصيل في حرب الإبادة والتدمير تجاه الشعب العربي الفلسطيني، والذي قَبِل الوساطة العربية بينه وبين قاتليه على مضض، ولسان حاله يقول: “رضينا بالبين والبين ما رضي فينا” فهذا مبحث آخر..!