لا يزال “الكيان” المجرم يحاول جاهداً بمنتهى الوقاحة والبجاحة استعادة صورة “الضحية” التي سوّقها وفرضها على العالم في أكبر “كذبة” عرفها التاريخ البشري، استغل فيها عذابات الجماعات اليهودية المبعثرة والمنبوذة في القارة الأوروبية، والتي تُوّجت فيما يُدعى محرقة “الهولوكست” النازية الألمانية، حيث بنى مشروعيته في اغتصاب فلسطين والتنكيل بشعبها قتلاً وسلباً وتدميراً وتهجيراً على تلك الكذبة الكبرى. مُشبّهاً عملية “طوفان الأقصى” المشروعة والمبررة ضمن القانون الدولي وحق الشعوب المحتلة في مقاومة المحتل بشتى الطرق والوسائل. فكيف بمحتل استيطاني عدواني توسّعي يرفض حتى الاعتراف بمجرد وجود “الآخر” صاحب الأرض منذ آلاف السنين؟!
الغريب أن هذه المحاولة اليائسة، تتواصل بعد أكثر من 400 يوم من ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية والقتل من أجل التسلية والمتعة واللذة الشهوانية، والتدمير الهمجي بلا أدنى مبررات وأهداف عسكرية وأمنيّة، وعلى مرآى ومسمع العالم أجمع. ومع أي انتقاد لأفعاله الإجرامية، يُمعن بارتكاب المزيد منها ويزداد شراسة وتوحّشاً، متحدّياً العالم بالثبور وعظائم الأمور إن هو حاول أو على الأقل طالبه بإيقاف إفعاله البربرية، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف وقوانين الحروب والأسرى ومعاملة المدنيين أثناء الحروب. بل ويتمادى في استهداف المنظمات الإنسانية الدولية التابعة للأمم المتحدة عاملين ومقرّات، لا يوقفه حدّ، ولا يصدّه صدّ.
الأكثر غرابة أن يجد بعد كل ذلك في هذا العالم من يتبنّى رواياته المفبركة وتبريراته الكاذبة، ويواصل دعمه بالعتاد والسلاح والمرتزقة، ويستمر في توفير مظلة حماية له دبلوماسياً وسياسياً، بذريعة “حق الدفاع عن النفس” له حصراً. وخصوصاً في عواصم الغرب الاستعماري بقيادة “العم سام” وأحفاد “الكاوبوي” المجرم.
وإذا كان مستوعباً هكذا سلوك من الغرب الاستعماري تجاه مشروعهم القتالي في منطقة الشرق الأوسط، تجاه الوحش الذي زرعوه وأرادوه شرساً لحماية وضمان مصالحهم وهيمنتهم على المنطقة ونهب ثرواتها وخيراتها، وقطع الطريق على وحدتها وتقدّمها، وحتى استيقاظها من سباتها الذي طال أمده.. فإنّه من غير المستوعب أن يتنّى بعض أبناء جلدتنا السردية الإسرائيلية الكاذبة، وهم يدركون ويسمعون ويرون تصريحات قادته المجرمين بالسعي لاستهدافهم تباعاً. وقد بلغ بعضهم وصف “الضحية” الفلسطيني واللبناني بالجلّاد، وتبرير أفعال “الجلّاد” الحقيقي الذي لا يجادل كلّ ذي عقل حوله.
أقل ما يمكن أن يقال في هذا المضمار، أنّه قد آن الأوان للعودة إلى العقل والمنطق، وتسمية الأمور بمسمّياتها، فالحقّ بيّن والباطل بيّن، والعدل بيّن والظلم بيّن، ولم يعد هناك مكان للاشتباه أو الالتباس بينهما.