أخيراً.. تجرأ رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، ومن قاهرة المعز لدين الله الفاطمي خلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس المصري، وأماط اللثام عن مشروع قرار لطرد “الكيان” المارق من الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن برلمان بلاده يقوم بإعداد مسودّته لتقديمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وموضحاً “أن الخيار الوحيد للتعامل مع دولة ترفض السماح بمرور المساعدات الإنسانية وترتكب الإبادة الجماعية في غزة، وترفض الامتثال لقرارات مجلس الأمن والقرارات الأممية وتنتهك القانون الدولي هو الطرد من الأمم المتحدة”، ومشيراً إلى انضمام بلاده إلى “المجموعة الأساسية” التي أعدّت مشروع القرار الذي يطلب رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية حول التزام إسرائيل بالسماح بأنشطة منظمات الأمم المتحدة. وأعرب عن تطلّعه إلى أن يناقش القادة العرب تلك الخطوات الهامة لدعم الشعب الفلسطيني في القمة العربية الإسلامية المشتركة المقرر انعقادها اليوم 11/11 في الرياض..
انتزعت “إسرائيل” شرعيتها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 “المشروط” الصادر يوم 11/5/1949، ونصّ على: “إن الجمعية العامة وقد تسلمت تقرير مجلس الأمن حول طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة. إذ تلاحظ أن إسرائيل بحسب تقدير مجلس الأمن، دولة محبة للسلام وقادرة على تحمل الالتزامات الواردة في الميثاق وراغبة في ذلك. إذ تلاحظ أيضًا تصريح دولة إسرائيل أنها تقبل دون تحفظ الالتزامات الواردة في مثاق الأمم المتحدة، وتتعهد بأن تحترمها منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة. إذ تشير إلى قراريها الصادرين في 29 نوفمبر 1947 (قرار التقسيم 181)، وفي 11 ديسمبر سنة 1948 (قرار عودة اللاجئين الفلسطينيين والتعويض 194). وإذ تحيط علماً بالتصريحات والإيضاحات التي صدرت عن ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة السياسية المؤقتة، فيما يتعلق بتطبيق القرارات المذكورة. فإن الجمعية العامة، عملاً بتأدية وظائفها المنصوص عليها في المادة 4 من الميثاق والقاعدة 125 من قواعد سير العمل:
- تقرر أن إسرائيل دولة محبة للسلام راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في ذلك.
- تقرر أن تقبل إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة”.
وقد اعتمد القرار المذكور على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 69 بتاريخ 4/3/1949، ونصّ على: ” إن مجلس الأمن وقد تلقى ونظر في طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة، يقرر أن إسرائيل، بحسب رأيه، (دولة محبة للسلام) وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها الميثاق، وبناء على ذلك، يوصي الجمعية العامة بقبول إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة”.
أما ميثاق الأمم المتحدة فقد أقدم السفير الإسرائيلي جلعاد إردان على تمزيقه بواسطة خرّامة أدخلها “تجاوزاً” لقاعة الجمعية العامة يوم 10/5/2024 الماضي مطلقاً ألفاظاً نابية ومهاجماً الحضور العالمي بحالة هستيرية غير مسبوقة في تاريخ الأمم المتحدة، ثم عبّر في فيديو مسجّل له بالصوت والصورة عن حلمه برؤية مقر الامم المتحدة مدمّراً ومسوّياً بالأرض.. وأما قرارات الأمم المتحدة، فمنذ أن اختطفت إسرائيل قرار قبول عضويتها المذكور وهي تدير الظهر لكافة قرارات الامم المتحدة الصادرة عن الجمعية العامة التي منحتها الشرعية الدولية، او حتى قرارات مجلس الأمن الدولي الذي أوصى بهذا المنح لها حتى تلك القرارات التي وافقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمت “الفيتو” لحمايتها عشرات المرات، ولا تزال.. ناهيك عن غطرسة وتحدي نتنياهو وعصابته الحاكمة للعالم أجمع وتطاوله الوقح حتى على صانعي وداعمي “الكيان” المجرم..وأمّا كونها دولة محبة للسلام، فحدّث ولا حرج؟!
ربّما كان يود الشعب الفلسطيني المظلوم أن تأتي مثل هذه المبادرة قبل أكثر من عام بل وعقود خلت، حقناً لدماء عشرات آلاف الضحايا المدنيين الأبرياء وجلّهم من الأطفال والنساء، وتقليصاً لحجم التدمير الهمجي الذي لا مبرر عسكري وأمني له..أو أن تأتي بمبادرة جريئة من منظمة التحرير الفلسطينية ورئاستها مسبوقة بسحب الاعتراف بدولة إسرائيل التي تنصلت من كافة التزاماتها برعاية دولية ومصادقة الأمم المتحدة.. أو على الأقل من جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي الذي انعقد قبل عام في مثل هذا التاريخ، والذي ينعقد اليوم استكمالاً لما بدأه قبل عام، ويتمنى أكثر من ملياري عربي ومسلم، ومعهم المليارات من أحرار العالم الذين أدركوا حقيقة هذا “الكيان” المارق، أن يتبنى المبادرة الماليزية، وتكون إحدى مخرجاته الجماعية المأمولة، ولو أنها تأتي متأخرة بعد طول انتظار.. وكما يُنقل عن حكماء الصين: “أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل.. ومسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة”..!