تقارير منوعة

تخوّف إسرائيلي من إصدار الجنائية الدولية مذكّرات اعتقال دولية سرّية؟!

“نصح د. شمير بورير رئيس دائرة القانون الدولي السابق في الجيش الإسرائيلي إسرائيل بألا تعتمد على الموقف العدائي لإدارة ترامب ضد المحكمة الدولية. (فقرار المحكمة الجنائية قد يشكل بداية لإعلان دول غربية أخرى عن حظر أسلحة ضد إسرائيل، ودعما لدعاوي وتحقيقات جنائية كثيرة ضد جنود وضباط الجيش الإسرائيلي التي تجري في دول كثيرة في العالم). وأشار إلى أن تحقيقات أخرى جارية في لاهاي تركز على ما يحدث في الضفة الغربية، خاصة بما يتعلق بالمستوطنات وأنشطة إسرائيلية أخرى”.

أعدّ موقع “عرب 48” ملفاً شاملاً حول قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت، فتحت العنوان أعلاه ذكر الموقع: “خبراء قانونيون: (إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت قد يشكل بداية لحظر أسلحة ضد إسرائيل… إمكانية أن ضحايا المحرقة ينفذون إبادة جماعية ضد شعب آخر تبدو حقيقية، وهذا تدنيس رهيب لذكرى المحرقة وضحاياها. وصفت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، بأنهما تحولا إلى (سجينين) في إسرائيل، وأن نتنياهو أصبح زعيما (منبوذا)، في أعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أمس، بإصدار مذكرات اعتقال دولية ضدهما بتهمة مسؤوليتهما عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الحرب على غزة. وعبر مسؤولون إسرائيليون عن (وجود تخوف من صدور مذكرات اعتقال أخرى بشكل سري ضد أشخاص تعتقد المحكمة الجنائية الدولية أنهم جزء من ممارسات التجويع وجرائم الحرب) خلال الحرب على غزة، حسبما نقلت عنهم صحيفة (يديعوت أحرونوت). ورغم أنه بإمكان نتنياهو زيارة الولايات المتحدة كونها ليست عضوا في المحكمة الجنائية، إلا أنه يتوقع نشوء صعوبات تتعلق برحلته الجوية إليها، إذ من الجائز ألا تسمح دول بعبور طائرته في مجالها الجوي. كما أن الإجراءات المتعارف عليها في الأمم المتحدة هي أنه لا يتم دعوة زعيم مثل نتنياهو في الوضع الحالي إلى افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفقا للصحيفة”.

وتابع: “ولفت الخبير القانوني، بروفيسور مردخاي كرمنيتسر، في تحليل نشرته صحيفة (هآرتس)، إلى أن (خطوات نتنياهو تجبي هذه المرة أيضا ثمنا من الدولة، من جميعنا. وواضح أن مذكرات اعتقال كهذه تستهدف بشدة مكانة إسرائيل الدولية). وأضاف أن (حقيقة أن ترامب وربما زعما آخرين سيجبون ثمنا من المحكمة لن يدعم مكانتنا بنظر معظم الدول الأعضاء في المحكمة. واعتبار أن مكانة إسرائيل في العالم ليس مهما هو اعتبار كاذب وخطير). وتابع أن المسؤولية القضائية حيال الجرائم المتهم بها نتنياهو وغالانت (يفترض أنها مسؤولية شخصية، لكن لا يمكن تجاهل تأثيرها على المستويات التي تنفذها. ولأن هذين زعيمين منتخبين، فهذا ينعكس على جميع مواطني إسرائيل. ولذلك، فإن الادعاء الطبيعي هو التنكر لهذه الاتهامات كأنها ليست حقيقية، لكن يجب الامتناع عن ذلك، فنحن لا نعلم في هذه المرحلة إذا كانت حقيقية). ورجح كرمنيتسر أن ملف التحقيق ضد نتنياهو وغالانت الذي فتحه المدعي العام في المحكمة الجنائية، كريم خان، يشمل أيضا تصريحات وزراء ومسؤولين إسرائيليين (تدعم الاتهامات ضدهما. وكان بالإمكان الامتناع عنها. وإذا تبين أن اتهامات المدعي العام حول تجويع السكان في غزة ومنع وصول أدوية ومعدات طبية ووقود وكهرباء، فإنه لن نتمكن من الادعاء أن هذه اتهامات مفاجئة). وأشار إلى أن (إحدى النتائج الحتمية لاحتلال متواصل والسيطرة على سكان محليين هي أن المحتل ينظر إلى الرازحين تحت الاحتلال كأنهم في مكانة دونية وعدو. وهكذا فقط بإمكان المحتل أن يبرر لنفسه السيطرة بالقوة وسلب الحقوق. ويتفاقم الوضع عندما يتحول الاحتلال من مؤقت إلى دائم، ويسلب حق تقرير المصير من الشعب الفلسطيني). وأضاف أنه (بعد 7 أكتوبر انتشر في إسرائيل مفهوم أنه لا يوجد أبرياء في غزة، وأنه لا مكان للتمييز بين مجرمين وأعضاء في منظمات إرهابية وبين مواطنين غير ضالعين في القتال والجريمة. وفي عمليات نزع الإنسانية التي تنفذها إسرائيل، يصبح الانتقال إلى تجويع السكان الغزيين سريعاً جداً). وشدد كرمنيتسر على أن القرار بإصدار مذكرات الاعتقال صدر في توقيت بالغ الأهمية. (ليس واضحا ماذا يحدث في شمال قطاع غزة، لكن ليس مستبعدا أن إسرائيل تنفذ هناك (جرائم تتراوح ما بين) التطهير العرقي والإبادة الجماعية. وسيف الاستيطان اليهودي الجاري التخطيط له في غزة من شأنه أن يؤدي إلى موت فلسطينيين كثيرين. ولذلك ينبغي النظر إلى أوامر الاعتقال الصادرة على أنها تحذير خطير). ورأى أنه (من الجائز أن الكثير من اليهود يعتقدون بإمكانية أن الشعب اليهودي، الذي كان ضحية إبادة جماعية، ينفذ إبادة جماعية ضد شعب آخر هي خيالية. وللأسف الشديد، هذه الإمكانية تبدو حقيقية، والصورة واضحة. وإذا حدث أمر كهذا، لا قدر الله، فسيكون هذا تدنيس رهيب لذكرى المحرقة وضحاياها. ولن نتمكن من الإدعاء بنظافة أيدينا)”.

وأسهب قائلاً: “ونقلت (هآرتس) عن رئيس دائرة القانون الدولي السابق في الجيش الإسرائيلي، د. عيران شمير  بورير، قوله إن (أداء الدولة وضع صعوبات أمام الجهود لمنع صدور مذكرات الاعتقال)، من خلال إجراء تحقيق مستقل بالاتهامات ضدها بعد تقديم المدعي العام في المحكمة طلب إصدار مذكرات الاعتقال، في أيار/مايو الماضي. وأضاف شمير  بورير أن مذكرات الاعتقال تتعلق بأحداث وقعت حتى وعد تقديم المدعي الطلب، لكن التحقيق الذي تنفذه المحكمة الجنائية ما زال جاريا، (وبالإمكان ترجيح أنه سيتطرق إلى أحداث وقعت لاحقا وستحدث في المستقبل. ومذكرات الاعتقال الحالية من شأنها أن تكون طلقة البداية وحسب. ولا يمكن تجاهل تأثير استمرار الحرب، وخاصة الأحداث الأخير في شمال القطاع). وتابع أن (قضاة المحكمة الجنائية يذكرون بوضوح أن الجرائم في أساس مذكرات الاعتقال مستمرة اليوم أيضا، ومن الجائز أنهم اعتقدوا أن بقرارهم، هم يساعدون بوقف كارثة إنسانية أخرى). ونصح شمير بورير إسرائيل بألا تعتمد على الموقف العدائي لإدارة ترامب ضد المحكمة الدولية. (فقرار المحكمة الجنائية قد يشكل بداية لإعلان دول غربية أخرى عن حظر أسلحة ضد إسرائيل، ودعما لدعاوي وتحقيقات جنائية كثيرة ضد جنود وضباط الجيش الإسرائيلي التي تجري في دول كثيرة في العالم). وأشار إلى أن تحقيقات أخرى جارية في لاهاي تركز على ما يحدث في الضفة الغربية، خاصة بما يتعلق بالمستوطنات وأنشطة إسرائيلية أخرى”.

شهادات جنود إسرائيليين تؤكد ارتكاب جرائم حرب في غزة والضفة

“منظمة (يكسرون الصمت): (توجد شهادات كثيرة حول إطلاق نار على مواطنين غير مسلحين، وسلاح الجو يسوي مبان بالأرض مع مئات المواطنين لأنه تبين أن شخصا واحدا في المكان كان مراقبا للحدود في حماس، وليس مسلحا بالضرورة. قال نائب مدير عام منظمة (يكسرون الصمت) الإسرائيلية، إيتان روم، إنه خلال الحرب على غزة طرأ ارتفاع كبير للغاية في توجه جنود إلى المنظمة لتقديم شهادات حول انتهاكات إسرائيلية لحقوق الإنسان واستهداف مدنيين وارتكاب جرائم حرب، وأن خطورة الشهادات تصاعدت. وأضاف روم، في مقابلة معه نشرها موقع (زْمان يسرائيل) الإخباري اليوم، الخميس، أنه (توجه إلينا جنود منذ الأسبوع الأول للحرب، وقبل التوغل البري في غزة. ونحن نجري مقابلات مع جنود ومجندات بشكل متواصل طوال الحرب، وعددهم كبير). وشدد روم على أن (الجيش الإسرائيلي يعمل في القطاع بدون كوابح وقيود. وأوامر إطلاق النار فضفاضة واستخدام النيران تصاعد عدة درجات. ويوجد اختيار متعمد لزيادة لا يمكن استيعابها في عدد الأشخاص الذين نحن مستعدون لقتلهم أو استهدافهم، وبينهم أبرياء، من أجل استهداف أهداف، حتى لو كانت أهدافا صغير). وأفاد بأنه (توجد شهادات كثيرة حول إطلاق نار على مواطنين غير مسلحين، والتي تفسر حجم الدمار وعدد القتلى. وكانت هناك حالات سوّى فيها سلاح الجو مبان بالأرض وبداخلها مئات المواطنين لأنه تبين أن شخصا واحدا في المكان كان مراقبا للحدود في حماس، كما أنه لم يكن مسلحا بالضرورة. ويطلقون النار على مواطنين في مناطق وصفناها بأنفسنا أنها مناطق آمنة)، وأشار إلى أنه كان (هناك إطلاق نار من الأرض على فلسطينيين غير مسلحين). وأضاف أن جنودا أكدوا في شهادتهم أن القوات الإسرائيلية تستخدم (فلسطينيين، بينهم فتية ورجال ومسنون كدروع بشرية وتشكل خطرا على حياتهم بشكل متعمد، لدى الدخول إلى نفق أو مبنى خطير، ويحمّلونهم كاميرا). وتابع أنه (في بعض الحالات كان الجنود متأكدين من أنه لا يدور الحديث عن مسلحين، وأحيانا قيل هذا لهم بشكل واضح، لكن يحظر استخدام المسلحين أيضا كدروع بشرية. فهذا غير أخلاقي ويتناقض مع القانون الدولي والقانون الإسرائيلي وقرارات المحكمة العليا الإسرائيلية). وقال روم إنه (يقولون لنا إن تحرير المخطوفين هو هدف مركزي للحرب، لكن خلال المحادثات مع جنود يتبين أن الصورة مختلفة. ونادر أن تسمع عن عمليات محددة ومخطط لها مرتبطة مباشرة بالمخطوفين. والأسهل الحديث عن الضغط العسكري من أجل تحريرهم، لكن ببساطة هذا ذر للرماد بالعيون. وجميع الجنود الذين تحدثوا معنا قالوا إن أوامر إطلاق النار التي تلقوها لم تتطرق للمخطوفين). ولفت إلى أن شهادات الجنود دلّت على تصاعد المس بحقوق الإنسان في الضفة الغربية خلال الحرب (وبشكل كبير. فقد تم طرد تجمعات فلسطينية بكاملها من أراضيهم وبيوتهم باستخدام العنف والتهديد. هذا ترانسفير. وعنف المستوطنين تصاعد من حيث حجمه وشدته، وواضح جدا أن الجيش الإسرائيلي ليس معنيا بوقفه). وأضاف أن (الأوامر العسكرية تلزم الجنود بوقف هذه الاعتداءات واعتقال المعتدين، لكن الأوامر التي تنقل إلى الجنود في الميدان لا تعكس ذلك. والوضع ازداد خطورة في أعقاب تجنيد آلاف المستوطنين إلى وحدات دفاع محلية بالقرب من مستوطناتهم. والآن يتجول المستوطنون العنيفون هناك بالزي العسكري والسلاح، حتى عندما لا يكونون في الخدمة). وتابع أن (روح الانتقام حاضرة في طريقة ممارسة القوة من جانب الجيش نفسه، وبعدوانية الجنود المتزايدة، وبشكل إطلاق النار. والهجمات الجوية باتت سائدة، والدمار في القرى ومخيمات اللاجئين التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي أصبحت أكثر مما مضى. وشهادات الجنود تطابق العدد الهائل من المصابين والقتلى في الضفة)”.

مذكرتا الاعتقال ضدّ نتنياهو وغالانت:

ماذا تعنيان وكيف سينعكس “القرار التاريخيّ” فعليا؟

“جبارين: هذا القرار هامّ جدا، وبالإمكان أن نقول إنه من أهم القرارات التي اتُّخذت في المجال القانونيّ منذ بدء الاحتلال، والفرق بين هذا القرار والقرار الذي يتطرّق لمسألة الجدار أو القرار بشأن عدم قانونية الاحتلال؛ أنّ هذا القرار يمكن تطبيقه على خلفية مسؤوليتهما عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، أصدرت المحكمة الجنائيّة الدوليّة، الخميس، مذكّرتَي اعتقال ضدّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق، يوآف غالانت. وفي قرارها، أكّدت المحكمة وجود (أسباب منطقية للاعتقاد) بأنّ نتنياهو وغالانت، قد أشرفا على جرائم ضد المدنيين في الفترة ما بين 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و20 أيار/ مايو، الموعد الذي قدّم فيه المدعي العام كريم خان في أيار/ مايو الماضي، طلب إصدار مذكرات الاعتقال ضدّهما. ولتوضيح تفاصيل القرار القضائيّ وتبعاته، أجرى (عرب 48) الحوار الآتي مع مدير مركز (عدالة) الحقوقيّ، د. حسن جبارين”.

جبارين: قرار تاريخيّ

“عرب 48”: ماذا تعني مذكرتا الاعتقال اللتين صدرتا ضدّ نتنياهو وغالانت؟

جبارين: هذا القرار هامّ جدا، وبالإمكان أن نقول إنه من أهم القرارات التي اتُّخذت في المجال القانونيّ، منذ بدء الاحتلال، والفرق بين هذا القرار والقرار الذي يتطرّق لمسألة الجدار أو القرار بشأن عدم قانونية الاحتلال؛ أنّ هذا القرار يمكن تطبيقه، خلافا لقرار عدم قانونية الاحتلال، الذي يصعب تطبيقهما، وإنما تم إصدارهما كتسجيل موقف، أو توصية قانونية. أما الآن فنحن في المجال الجنائيّ، وأساس هذا المجال العامل التنفيذيّ والتطبيقيّ، لذلك هناك أهمية كبيرة جدا، وبإمكاننا أن نقول إنه قرار تاريخيّ.

“عرب 48”: ما مدى جديّة القرار؟

جبارين: هذا قرار جدي ّلأنه يفرض على 124 دولة من الدول التي وقّعت على معاهدة روما أن تطبّق جميع قرارات المحكمة، وبخاصة في مسألة الاعتقال، لذلك فإنّ كّل هذه الدول الآن أمام سؤال مهم؛ وهو هل ستعتقل نتنياهو أو غالانت في حال سنحت لها الفرصة، وإذا ما وصلا إليها؟ هذا سؤال جديد، ولم يكن مطروحا، ويخصّ عامل التنفيذ والتطبيق، ويبدو لنا أن غالبيّة الدول ستعلن أنها تحترم هذا القرار، وستقوم بتنفيذه إذا سنحت لها الفرصة، إلا بعض الدول، وبالطبع الولايات المتّحدة غير الموقِّعة على اتفاقيّة روما. حريّة الحركة لدى نتنياهو وغالانت لم تعُد مثل الأمس، فبالأمس كانت لهما خيارات عديدة في مسألة مغادرة إسرائيل إلى دول مختلفة، إلا أن هذه الوضعية قد تغيّرت اليوم، لذلك، في رأيي، ستقيَّد حريّتهما بمغادرة إسرائيل. وتعدّ أسئلة؛ إلى أي دولة سيغادران، وأيّ دول لن تطبّق القرار، أسئلة جديدة كذلك؛ لذلك عمليّا أنت وضعتَ رئيس حكومة ووزيرا مركزيّا فيها (قبل أن يُقال غالانت من منصبه) تحت وضعية أنهما متّهمان وملاحقان، وسيتصرّفان وفقا لذلك.

“”عرب 48″: هل من الممكن أن نشهد اعتقالهما، أو اعتقال أحدهما فعلا؟

جبارين: هذا الأمر وارد من ناحية قانونيّة، ومن الممكن أن يصلوا لدولة لم تُعلن أنها ستطبّق هذا القرار، ولكن محامين، ومنظّمات حقوق إنسان، ستقدّم طلبات باعتقالهما من أجل تطبيق قرار المحكمة الجناية الدوليّة، لذلك، هنالك وضعية خطر عليهما. ولكن اعتقال رئيس حكومة ليس بالأمر السهل، ولدى جهاز الموساد الإسرائيليّ أدوات فحص وتقصّي حقيقة الوضع في كلّ دولة يقوم بزيارتها نتنياهو أو غالانت. وبالفعل، فإنّ تقارير صحافيّة عديدة تشير إلى بدء الموساد بالعمل في هذا الصدد، وهذه التصرّفات هي تصرفات شخص قام بجريمة، وتعبّر عن عقلية مجرِم؛ لذلك نرى هذا التصرّف من الموساد، ومن دولة إسرائيل.

“”عرب 48″: هل ممكن أن تتملّص الدول من اعتقالهما في حال زيارتهما لها؟

جبارين: علينا أن ندرك دائما أن تنفيذ وتطبيق القانون الدوليّ هو شأن سياسيّ، وأنه مرتبط ومتأثّر بقرارات سياسيّة للدول، والتطبيق منوط بهذه المواقف، لذلك، هل ستتملّص بعض الدول؟ نعم سيتملّص قسم من الدول من تنفيذ هذا القرار؛ لكن، ستُخلَق حالة جديدة في المجتمع الدوليّ، وحتى أن دولا تُعدّ (صديقة) أو (صديقة حميمة) لدولة إسرائيل مثل ألمانيا أو إنجلترا، ستكون هناك إمكانيّة لمؤسسات حقوقية، أو محاميي حقوق الإنسان في هذه الدول، أن يطلبوا من دولتهم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا ما وصلا إلى بلادهم، وتطبيق قرار الجنائية الدولية، حتّى لو كان الموقفّ السياسيّ للدولة ينصّ على عكس ذلك. إن مجرّد إمكانيّة تقديم طلب من هذا النوع، سيجعل كلًّا من نتنياهو وغالانت أن يحسب ألف حساب بالسفر لدول من هذا النوع، وفق رأيي؛ وهذه وضعيّة قانونيّة جديدة، لم تشهدها إسرائيل في السابق، وتحوّلت قيادة إسرائيل للمرة الأولى إلى قيادة ملاحَقة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة.

المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت

“الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وأكدت أن موافقة إسرائيل على اختصاصها ليس ضروريًا لمتابعة الإجراءات القانونية، مشيرة إلى أن الجرائم تشمل القتل، الاضطهاد، استخدام التجويع كسلاح حرب وغيرها من الجرائم. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، وذلك على خلفية مسؤوليتهم عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. وهاجم نتنياهو قرار الجنائية الدولية، وقال في بيان مصوّر صدر عن مكتبه، (لن نعترف به)، عادّا أن القرار (سقوط أخلاقي) لمحكمة الجنايات التي ما لبث أن كرّر اتهامات سبق أن وجّهها لمدّعيها العام. كريم خان. وفيما عدّ نتنياهو أن هذا (يوم أسود)، أكّد أنه سيواصل الحرب الإسرائيلية. كما وصف المحكمة وقرارها بأنهما (معاديان للساميّة). وكانت المحكمة قد تلقت طلبات بهذا الشأن من المدعي العام كريم خان في أيار/ مايو الماضي، حيث طالبت بضرورة اتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين الإسرائيليين. وكان خان قد دعا في آب/ أغسطس الماضي إلى تسريع إصدار المذكرات. وأكدت المحكمة في قرارها وجود (أسباب منطقية للاعتقاد) بأن المسؤولين الإسرائيليين أشرفا على جرائم ضد المدنيين في الفترة ما بين 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و20 أيار/ مايو، الموعد الذي قدم فيه خان طلب إصدار مذكرات الاعتقال. وأضافت أن مذكرات الاعتقال صنفت (سرية) بهدف حماية الشهود وضمان إجراء التحقيقات. وأوضحت أن (الدائرة التمهيدية) ترى أنه من مصلحة الضحايا وعائلاتهم أن يتم إبلاغهم بوجود مذكرات اعتقال. وأوضحت أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة ليس ضروريًا لمتابعة الإجراءات القانونية ضدهم؛ وتشمل جرائم الحرب الموجهة لنتنياهو وغالانت القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاح حرب وغيرها من الأفعال غير الإنسانية.

ويمنع إصدار مذكرات الاعتقال نتنياهو وغالانت من زيارة 120 دولة موقعة على اتفاقية روما، التي يستمد منها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وتترتب على هذه المذكرات تداعيات قانونية تهدد باعتقال المسؤولين الإسرائيليين عند دخولهم هذه الدول”.

مكتب نتنياهو يتهم الجنائية الدولية بمعاداة السامية: اتهامات عبثية وكاذبة

“وصف مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قرار المحكمة بأنه (قرار معادٍ للسامية)، معتبرا، في بيان، أنه (يعادل محاكمة دريفوس الحديثة)، وأضاف البيان أن (هذا القرار سينتهي كما انتهت تلك المحاكمة). وشدد البيان على رفض إسرائيل القاطع للاتهامات (العبثية والكاذبة) الموجهة إليها من قبل المحكمة، التي اعتبرتها (جسمًا سياسيًا منحازًا وتمييزيا). وزعم البيان أن (القرار صدر عن مدعٍ عام فاسد يحاول إنقاذ نفسه من تهم الاعتداءات الجنسية). واتهم المحكمة بأنها تتألف من (قضاة متحيزين الذين يدفعهم كرههم لإسرائيل). واتهم مكتب نتنياهو، المدعي العام للمحكمة، خان، بـ(الكذب عندما قال لأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي إنه لن يتخذ إجراءات ضد إسرائيل قبل سماع وجهة نظرها). وادعى البيان أن خان (ألغى زيارته لإسرائيل بشكل مفاجئ في أيار/ مايو الماضي بعد أن ظهرت اتهامات ضده وسارع بطلب إصدار مذكرات اعتقال) ضد نتنياهو وغالانت. وأختتم البيان بالقول إن (أي قرار معادٍ لإسرائيل لن يثنيها عن الدفاع عن مواطنيها. رئيس الحكومة لن يخضع للضغوط، ولن يتراجع حتى تحقيق جميع أهداف الحرب التي حددتها إسرائيل)”.

قرار المحكمة

“وقالت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، في بيان، إن الدائرة التمهيدية الأولى (أصدرت بالإجماع قرارين برفض الطعون المقدمة من قبل إسرائيل بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي). وأوضحت أن (جرائم الحرب المزعومة ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب)، وأكدت أن هناك (أسبابا منطقية) تدعو للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين. وأضافت (يتحمل كل منهما المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية باعتبارهما مشاركين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية). وأوضحت المحكمة في بيانها أن (الدائرة التمهيدية وجدت أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين) في قطاع غزة. وأضافت أن المحكمة رأت أن (هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن كلا الشخصين حرموا عمدًا وعن علم السكان المدنيين في غزة من أشياء لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، فضلاً عن الوقود والكهرباء، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 20 مايو/أيار 2024 على الأقل). وأضافت (يستند هذا الاستنتاج إلى دور نتنياهو غالانت في إعاقة المساعدات الإنسانية في انتهاك للقانون الإنساني الدولي وفشلهما في تسهيل الإغاثة بكل الوسائل المتاحة لها. ووجدت الدائرة أن سلوكهما أدى إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توفير الغذاء والسلع الأساسية الأخرى للسكان المحتاجين في غزة). وتابعت (كما كان للقيود المذكورة أعلاه إلى جانب قطع الكهرباء وتقليص إمدادات الوقود تأثير شديد على توفر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الطبية). كما (لاحظت الدائرة أن القرارات التي تسمح أو تزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة كانت مشروطة في كثير من الأحيان. ولم يتم اتخاذها للوفاء بالتزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي أو لضمان تزويد السكان المدنيين في غزة بالسلع المحتاجة بشكل كافٍ؛ في الواقع، كانت هذه الإجراءات استجابة لضغوط المجتمع الدولي أو طلبات من الولايات المتحدة. وفي كل الأحوال، لم تكن الزيادات في المساعدات الإنسانية كافية لتحسين قدرة السكان على الوصول إلى السلع الأساسية). وأكدت المحكمة أنه (لا يمكن تحديد أي حاجة عسكرية واضحة أو مبرر آخر للقيود المفروضة على وصول عمليات الإغاثة الإنسانية). وقالت إن إسرائيل لم تسمح إلا بالحد الأدنى من المساعدات الإنسانية (على الرغم من التحذيرات والمناشدات التي وجهها، من بين جهات أخرى، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والدول والمنظمات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بشأن الوضع الإنساني في غزة). وأضافت أنها وجدت (أسبابًا معقولة) للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، مشيرة إلى أن نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود والإمدادات الطبية المحددة، خلق ظروفًا معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة، مما أدى إلى وفاة المدنيين، بما في ذلك الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف. وأكدت أن (هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن جريمة القتل ضد الإنسانية قد ارتكبت. وتابع البيان أن نتنياهو وغالانت (مسؤولان أيضًا عن إلحاق معاناة شديدة من خلال أفعال لاإنسانية بأشخاص يحتاجون إلى العلاج. وهذا يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية وأعمال غير إنسانية أخرى). وأضافت المحكمة أن (السلوك المذكور استهداف المشافي حرم جزءًا كبيرًا من السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة، وأن السكان كانوا مستهدفين على أساس سياسي و/أو وطني. وبالتالي وجدت الدائرة أن جريمة الاضطهاد قد ارتُكبت). وخلصت المحكمة إلى (وجود أسباب معقولة) للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت (يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين في غزة. وعلى الرغم من وجود تدابير متاحة لهما لمنع أو قمع ارتكاب الجرائم أو ضمان إحالة الأمر إلى السلطات المختصة، فشلا في القيام بذلك)”.

وزير الخارجية الإسرائيلي: “لحظة سوداء… المحكمة فقدت شرعيتها

“وفي تعليق له على قرار المحكمة، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، هذه الخطوة بأنها (لحظة سوداء) للمحكمة، معتبرا أنها (فقدت شرعيتها). وادعى ساعر أن المحكمة (تصرفت كأداة سياسية لخدمة العناصر المتطرفة التي تسعى لزعزعة الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط). وقال إن مذكرات الاعتقال (المجحفة) تأتي رغم أن إسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن هذه القرارات (تمثل هجومًا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. تهدف إلى استهداف دولة إسرائيل التي تتعرض لأكبر تهديد من دول في المنطقة تدعو إلى إبادتها). ووصف ساعر هذه القرارات بأنها (تشويه للمفاهيم الأخلاقية وتحويل الخير إلى شر)، معتبرا أن القرار يعد مكافأة (للأطراف التي تنتهك القانون الدولي بشكل مستمر). وطالب الدول والأفراد (المنصفين) برفض هذه (الظلم) الذي ترتكبه المحكمة، وفق تعبيره”.

بن غفير: الرد بواسطة الضم والاستيطان ومعاقبة السلطة الفلسطينية

“بدوره، وصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، قرار المحكمة بأنه (عار لا مثيل له). وأضاف أن هذا القرار (لا يفاجئ) وأن المحكمة (تظهر مجددًا أنها معادية للسامية من البداية إلى النهاية)، بحسب ما جاء في بيان صدر عنه. وشدد بن غفير على دعمه الكامل لنتنياهو، معتبرا أن الرد على مذكرات الاعتقال يجب أن يكون (بتطبيق السيادة على كافة أراضي يهودا والسامرة) في إشارة إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، و(الاستيطان في جميع مناطق البلاد، وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية التي وصفها بـ(سلطة الإرهاب)، بما في ذلك (فرض عقوبات عليها)”.

المعارضة الإسرائيلية تندد

“وندد رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، بقرار المحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا أن (إسرائيل تدافع عن حياتها في مواجهة منظمات الإرهاب التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا). وأضاف لبيد: (أوامر الاعتقال هذه هي جائزة للإرهاب). بدوره، وصف رئيس (المعسكر الوطني)، بيني غانتس، الذي كان قد انضم للحكومة بعد بدء الحرب قبل أن ينسحب منها معترضا على إدارتها، قرار المحكمة بأنه (عمى أخلاقي وعار تاريخي لن يُنسى أبدًا)، على حد تعبيره”.

ماذا عن الطعون التي قُدمت للمحكمة؟

“وفي ما يتعلق بالطعون والطلبات المقدمة من إسرائيل، قالت المحكمة إنها استقبلت طلبين قدمتهما إسرائيل في 26 أيلول/ سبتمبر 2024. في الطلب الأول، طعنت إسرائيل في اختصاص المحكمة بشأن الوضع في دولة فلسطين بشكل عام، وعلى (المواطنين الإسرائيليين) بشكل أكثر تحديدًا، استنادًا إلى المادة 19(2) من النظام الأساسي. أما في الطلب الثاني، فقد طلبت إسرائيل من الدائرة أن تأمر الادعاء بتقديم إخطار جديد بشأن بدء التحقيق إلى سلطاتها بموجب المادة 18(1) من النظام الأساسي. كما طلبت إسرائيل من الدائرة وقف أي إجراءات أمام المحكمة في القضية ذات الصلة، بما في ذلك النظر في طلبات إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت”.

خان يرفض مزاعم إسرائيلية تمنع إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت

“وفي ما يتعلق بالطلب الأول، قالت المحكمة: (إن قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة ليس مطلوبًا، حيث يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها على أساس الاختصاص الإقليمي لفلسطين، كما حددته الدائرة التمهيدية الأولى في تشكيل سابق. وعلاوة على ذلك، اعتبرت الدائرة أنه بموجب المادة 19(1) من النظام الأساسي، لا يحق للدول الطعن في اختصاص المحكمة بموجب المادة 19(2) قبل إصدار أمر الاعتقال. وبالتالي فإن طعن إسرائيل سابق لأوانه). أما بالنسبة للطلب الثاني، فقد رفضت الدائرة طلب إسرائيل بموجب المادة 18(1) من النظام الأساسي، وأشارت إلى أن (الادعاء أخطر إسرائيل ببدء التحقيق في عام 2021. وفي ذلك الوقت، وعلى الرغم من طلب التوضيح من جانب الادعاء، اختارت إسرائيل عدم متابعة أي طلب لتأجيل التحقيق). وأضافت المحكمة: (وعلاوة على ذلك، اعتبرت الدائرة أن معايير التحقيق في الموقف ظلت كما هي، ونتيجة لذلك، لم يكن هناك حاجة إلى إخطار جديد لدولة إسرائيل). وبناءً عليه، خلص القضاة إلى أنه (لا يوجد سبب لوقف النظر في طلبات أوامر الاعتقال)، وفقًا لبيان المحكمة”.

كيف قد يؤثر قرار الجنائية الدولية على علاقات إسرائيل الخارجية؟

“قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت بتهم جرائم حرب قد يترتب عليه انعكاسات كبيرة على العلاقات الخارجية لإسرائيل؛ وسط مخاوف من تأثير القرار على كبار الضباط العسكريين وتوريد الأسلحة إلى البلاد. من شأن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة، أن يؤثر بشكل كبير على العلاقات الخارجية لإسرائيل خلال المرحلة المقبلة، مع تباين في ردود الفعل بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة. ويضع القرار إسرائيل في مواجهة قانونية ودبلوماسية مع العديد من دول العالم، وقد يعكس تحولًا في مواقف المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات العسكرية في غزة، حيث يواصل القادة الأوروبيون تأكيد التزامهم بالقانون الدولي، وسط دعوات حقوقية لفرض عقوبات أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وبعيد صدور القرار الذي أثار موجة إدانات وانتقادات حادة في إسرائيل، أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الخميس أن قرار المحكمة الجنائية الدولية (ملزم ويجب أن يحترم وينفذ) من قبل جميع الدول الأعضاء في المحكمة، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. وقال بوريل، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في عمان، إن (هذا ليس قرارا سياسيا، بل قرار محكمة، محكمة عدل، ومحكمة عدل دولية. وقرار المحكمة يجب أن يحترم وينفذ). وأضاف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن (المأساة في غزة يجب أن تنتهي) وأن قرار المحكمة يجب أن ينفذ. من جهتها، أعلنت عدة دول أوروبية، مثل فرنسا وهولندا والنرويج وإسبانيا، أنها ستلتزم بالقرار، مؤكدة أنها ستقلص اتصالاتها مع نتنياهو إلى الحد الأدنى، وأنها ستتخذ إجراءات قانونية ضده في حال زار أراضيها. وكانت دول مثل مثل بريطانيا وألمانيا قد أكدت التزامها بقرارات المحكمة، مع تحفظات على مدى تنفيذها عمليًاً. في حين أن الولايات المتحدة أعربت عن رفضها للمحكمة، واعتبرت إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، أنه لا أساس قانوني لها كون إسرائيل ليست طرفًا في معاهدة روما. في حين تعهدت إدارة ترامب الجديدة بالدعم المطلق لإسرائيل في مواجهات القرار القضائي بعد تنصيبها. وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية (كان 11)، مساء الخميس، إن الحكومة الإسرائيلية، شرعت خلال الأيام الماضية بإعداد قائمة من التوصيات والأفكار لإدارة ترامب بشأن الإجراءات والعقوبات التي ستدفع لفرضها على محكمة الجنائية الدولية لاهاي. وتشمل التوصيات أشخاصًا محددين في المحكمة تسعى إسرائيل لفرض عقوبات عليهم. وعلّق مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، مايكل وولتز، قائلا: (الجنائية الدولية تفتقر إلى المصداقية وهذه الاتهامات قد تم دحضها من قبل حكومة الولايات المتحدة. إسرائيل دافعت عن شعبها وحدودها بشكل قانوني ضد الإرهابيين القتلة. توقعوا رد فعل قوي ضد حكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير)، موعد تنصيب الإدارة الجديدة. وسلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على التأثير المحتمل لقرار المحكمة الجنائية الدولية على ضباط الجيش الإسرائيلي، حيث قد يفتح الباب أمام ملاحقتهم قضائيًا في دول أجنبية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة وقد يحد ذلك من قدرتهم على السفر. كما أبدت المخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز حملات مقاطعة إسرائيل دوليا، بما في ذلك المقاطعة الأكاديمية. ومن المتوقع أن يؤثر القرار كذلك على فرص زيارة نتنياهو وغالانت للعديد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (123 دولة – تشمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)؛ وقد يحرم القرار كذلك نتنياهو من السفر إلى الولايات المتحدة إذ أن الدول الموقعة على اتفاقية روما، قد تمنعه من عبور مجالها الجوي. وأثار القرار مخاوف إسرائيلية من تأثيرات إضافية محتملة قد تشمل تقليص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، بعدما اعتبرت المحكمة أن الأسلحة المستخدمة في الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 412 يوما على قطاع غزة مرتبطة بارتكاب جرائم حرب محتملة. وأعلنت هولندا عقب القرار استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية؛ وقال وزير الخارجية الهولندي فيلد كامب، في مجلس النواب، إنه (إذا هبط نتنياهو على الأراضي الهولندية، فسيتم اعتقاله). وأضاف: (لن تقوم هولندا بعد الآن بإجراء اتصالات غير أساسية مع نتنياهو. وينطبق الشيء نفسه على وزير الأمن الإسرائيلي السابق، غالانت).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى