حامض حلو

دولة “الجيش” تتفكك وعصابات الإجرام تعود بحُلّة جديدة؟!

فضل المهلوس

ما أشبه اليوم بالبارحة، كل دول العالم جاءت بولادة طبيعية وحتى بلا قابلة قانونية، شعب على أرضه توافق على دولة، ثم تشكلت مؤسساتها المختصة من جيش وأجهزة أمنية ومؤسسات مختلفة.. وحده “الكيان” الشاذ كانت ولادته بعملية قيصرية معقّدة، وبمولود مُشوّه خَلْقاً وخُلُقاً، حيث توافقت دول الاستعمار الغربي الوطنية الوليدة على ضرورة التخلص من الجماعات اليهودية الوظيفية التي انتفت الحاجة لوظائفها الاقتصادية والتجارية والتسليحية والتجسسية الخسيسة التي شغلتها طيلة قرون مضت أيام النظام الاقطاعي وممالك البلاط المتناحرة في القارة الأوروبية.. وبتوافقها ظهرت “الصهيونية المسيحية” العنصرية ثم الفكر النازي والفاشي الأب الروحي للحركة “الصهيونية اليهودية” التي أنتجت فكرة “الدولة اليهودية”.. وبدأت رحلة البحث المشترك عن الأرض والتي استقرت على فلسطين، وبدأ التنفيذ بالتهجير بأشكاله المختلفة طوعاً أو كرهاً، وتشكلت العصابات الصهيونية الإجرامية المسلّحة والأجهزة الأمنية وأهمها “الموساد” وصولاً إلى النكبة والتوافق الدولي بعد الحرب العالمية الثانية على تقسيم فلسطين والاعتراف بدولة “الكيان” الذي حوّلت تلك العصابات إلى جيش بذات العقيدة الإجرامية. وبدأ البحث المُضني عن شعب لها من شُذّاذ الآفاق في شتى بقاع الأرض، وبدأت فصول المواجهات الدامية مع أصحاب الأرض والحق.. ثم جاء “طوفان الأقصى” ليسقط كافة المُسلّمات والأقنعة، وليظهر حقيقة أن الأصل غلّاب، وأننا أمام عصابات قتل وإجرام غير مسبوق يستند إلى خرافات ترفض الآخر لدرجة الإبادة والتدمير، ولا تعترف بمفردات “التعايش” و “التسامح” و “السلام”، بل وحتى “التطبيع” مع الآخر، أي آخر.

وها هو العالم وخاصة الغرب الاستعماري يشهد بداية تفكك ثكنته العسكرية التي أقامها في فلسطين، وقدّم لها كافة اشكال الدعم والرعاية والدعاية، وأحاطها بالأسوار الحديدية كمشروع قتالي يحرس مصالحه ومطامعه في المنطقة، فالجيش النظامي الذي أنفق مئات المليارات لبنائه قيد التفتّت، وبات يعتمد على قوات احتياط غير مؤهلة وعلى جيش عصابات المستوطنين المدججين بالسلاح، ليُعيد سيرته الأولى من حيث بدأ.. وها هي عصابات “الأرغون” و “شتيرن” و “الصهيونية التصحيحية” التي أسسها النازي “جابوتنسكي” أواسط عشرينيات القرن العشرين الماضي كلّها تعود من جديد بمسمّيات مختلفة وحُلّة جديدة وبرعاية رسمية كاملة الأوصاف من عصابة ثالوث نتنياهو ـ سموتريتش ـ بن غفير.. وعبثاً سيحاول ترامب إنقاذ مشروع “إسرائيل” التوراتية المتخيّلة من نفسها، فقد وقع الفأس في الرأس، وسبق السيف العذل، والتاريخ لن يعود كما كان وفق منطق ترامب نفسه الذي يكابر بتجاهله، فحصان الغرب الاستعماري في المنطقة قد دخل حالة الاحتضار.

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى