صحافة وآراء

نتائج إيجابية للمفاوضات الروسية الأوكرانية يسبقها تبادل الإهانات

د. أيمن أبو الشعر

• بدا زيلينسكي بتخبطه وكأنه يحاول إفشال المفاوضات، مما دفع لافروف إلى وصفه بالبائس كما وصفته زاخاروف بالمهرج الفاشل

اختتمت مفاوضات إسطنبول بين الوفدين الروسي والأوكراني بنتائج لم تكن متوقعة انطلاقا مما سبق اللقاء من تصريحات لا تخلو من ملاسنات قاسية، فقد سبقت المفاوضات تصريحات من الجانبين لا توحي بهذا الاحتمال الإيجابي حيث انتقد الرئيس الأوكراني زيلينسكي الوفد الروسي بما لا يلبق، واعتبره تمثيلا ضعيفا، ووصفه بالمهزلة، وشكك بقدرة هذا الوفد على اتخاذ أية قرارات فعالة في هذه المفاوضات، كما أنه تأخر في تشكيل الوفد الأوكراني وإعطائه التوجيهات بالسفر إلى اسطنبول في حين كان الوفد الروسي منذ الصباح في انتظاره، مما استدعى ردا من زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية التي وصفت الرئيس الأوكراني بالمهرج الفاشل، ونوهت بأن الوفد الروسي ظل في انتظار نظيره الأوكراني حتى ينتهي المهرج من حديثه، من هنا فإن نتائج المفاوضات بدت جيدة على خلفية تصريحات الطرفين عشية اللقاء، حتى أن رئيس الوفد الروسي ميدينسكي عبر عن ارتياحه لنتائج المفاوضات معتبرا أن المفاوضات الحالية هي استمرار للمفاوضات التي جرت عام ألفين واثنين وعشرين، والتي جمدها الجانب الأوكراني بتشجيع من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون آنذاك، كما أكد ميدينسكي استعداد موسكو لمتابعة الحوار لاحقا، وأشار في تصريحاته إلى أن الوفد الأوكراني طالب بعقد لقاء بين الزعيمين الروسي والأوكراني موضحا أن موسكو أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار، وقد أعلن بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين بعد ذلك أن اللقاء بين الرئيسين يمكن فقط بعد أن ينجز الوفدان حواراتهما ويتوصلان إلى نتائج واقعية، ويلفت النظر أن الوفدين التزما بالمباحثات الجادة مشددين على الاحترام المتبادل، ولهذا لم تظهر أية إشكالات إبان الحوار، وقد أكد وزير الدفاع ورئيس الوفد الأوكراني عميروف أن الطرفين توصلا إلى قرار بالقيام بتبادل ألفي أسير بواقع ألف أسير من كل طرف، في حين كانت أوكرانيا ترغب بإجراء التبادل على أساس الكل بالكل، ونوه عميروف بدراسة إمكانية تنظيم لقاء بين الرئيسين.

وكانت ردود الفعل ذات طابع إيجابي عموما حيث اعتبرت أنقرة وهي راعية رئيسية لهذه المفاوضات أن ما تم التوصل إليه إيجابي، ونوه وزير الخارجية التركي فيدان بأن هناك ما يكفي من الأسباب للتمسك بالأمل في نجاح المحادثات، وأكد استعداد تركيا لمواصلة جهودها لتحقيق السلام الدائم بين موسكو وكييف، كما رحبت الأمم المتحدة الأمم المتحدة بهذه الجهود التي بذلت لتحقيق السلام، واعتبر صاموئيل تشاراب كبير علماء السياسة في مركز الرائد الأمريكي أن نتائج المفاوضات كانت أفضل من المتوقع، وأن الطرفين أظهرا أنهما قادران على التفاوض في إشارة إلى استمرار الحوار قرابة ساعتين دون إشكالات. مما يعتبر مؤشرا يدعو إلى التفاؤل.

من جهة ثانية كانت هناك اتصالات عديدة بين الرئيس الأوكراني وزعماء بولونيا وبريطانيا وألمانيا وكذلك الولايات المتحدة للاستشارة في كيفية التصرف، وكذلك التقى وزير الخارجية الأوكرانية سيبيها مع مارك روتيه أمين عام حلف الناتو ووزير الخارجية الأمريكية روبيو والسناتور ليندسي غراهام المعادي لروسيا بوقت متزامن في أنطاليا، وشدد على أن موسكو يجب أن تدرك أنها ستدفع غاليا ثمن رفضها للسلام…ولم تخل بعض التصريحات الغربية من التعبير عن الخشية من الآفاق وأن تتوصل موسكو وكييف إلى سلام وتفاهمن وهو أمر يزعج بعض كبار المسؤولين الغربيين حتى أن وزير الدفاع البولوني كاميش دعا إلى زيادة دعم الغرب لأوكرانيا حتى لا يتغير المزاج لدى الشعب الأوكراني، وللحيلولة دون توجهه مجددا إلى روسيا كما حدث إثر الثورة الملونة حسب تعبيره، كما اتخذ وزير الدفاع البريطاني جون هيل موقفا مقاربا بتأكيده على ضرورة متابعة الدعم العسكري لأوكرانيا وزيادة الضغط على موسكو.

يمكن القول أن جميع الأنظار تتوجه حاليا إلى إمكانية عقد لقاء قريب بين الرئيسين بوتين وترامب الذي أعلن أن هذا اللقاء قد يجري خلال أسبوعين أو ثلاثة منوها بأن لقاءه بالرئيس بوتين يمكن أن يحل المعضلة وأنه يثق ببوتن، من جانبه أعلن بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين أن اللقاء بين الرئيسين الروسي والأمريكي ضروري، وفي المقام الأول من منظور العلاقات الروسية الأمريكية والشؤون الدولية، وبنفس الوقت الأزمة الأوكرانية.

ولا بد من الإشارة إلى ان وزير الخارجية الروسية لافروف لم يوفر الانتقاد الحاد لزيلينسكي وخاصة تشكيكه بالوفد الروسي، وتردده وتنوع مطالبه غير الموضوعية، كالمطالبة بأن يحضر الرئيس بوتين للقائه، وتأجيل قدوم الوفد الأوكراني، وكأنما يحاول إفشال المفاوضات، حيث قال لافروف ردا على ذلك “يا له من إنسان بائس، الجميع يفهم ذلك باستثنائه هو، ومن يحركونه من وراء الكواليس” إلى أن جاءه من يعلمه من المؤثرين الرفاق الكبار وأوضحوا له أنه لا يجوز أن يتصرف بهذا الشكل الأحمق…” كل ذلك يشير إلى أن اجراء المفاوضات كان بحد ذاته عملا نوعيا والتأكيد على ضرورة إجراء لقاءات قادمة وتبادل الأسرى من نتائجها الإيجابية.

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى