صحافة وآراء

الموصل قلبٌ واحدٌ ينبضُ بنصرة الأقصى وغزة

الدكتور محمد جميل الحبال

​شهدت الموصل الحدباء مشهداً إيمانياً ووطنياً مهيباً حين دعت كوكبة مباركة من خيرة علمائنا في مجلس علماء العراق والمجمع الفقهي العراقي في نينوى إلى تجمعٍ جماهيري حاشد في الجامع الكبير (الجامع النوري)، ولم يكن الهدف لقاءً عادياً بل كان صرخةً مدويةً من قلب الموصل نصرةً لغزة الأبية وإغاثةً لأهلها الصابرين المحاصرين تحت شعار (غزة تموت تبرعوا لأهلها).

​لقد كان التوفيق حليف هذا التجمع والحمد لله فقد أثبت أهل الموصل الكرام وكعادتهم أنهم على العهد وأن كرمهم وعطاءهم لا ينضبان في مواقف النخوة والإغاثة حيث رأينا بأعيننا كيف تنافس الناس في البذل والعطاء متبرعين بالأموال الطائلة في سخاءٍ تجلّى فيه صدق الإيمان وعمق الانتماء لهذه الأمة فقد كانت الموصل ولا تزال ركناً شامخاً في دعم قضايا الحق …
​وبينما كنت أراقب هذا الفيض المبارك من الحضور والجود استأذنتُ لإلقاء كلمةٍ موثرة لم تكن سوى استدعاء لذاكرة التاريخ وتأكيداً على حقيقة خالدة: “” وما أشبه اليوم بالبارحة “” !!!

حيث عادت بي الذاكرة الى سبعين عاماً خلت حين اندلعت ثورة المليون شهيد لتحرير الجزائر من نير الاحتلال الفرنسي الغاشم عام 1954 م حيث هبت الموصل في ذلك الوقت حين دعا علماءها الأجلاء لحفلٍ مشابه تماماً لدعم ثورة الجزائر الفتية ، وكان ذلك الحفل شرفاً لا ينسى بحضور قامة علمية وجهادية عظيمة هو العلامة الجزائري الشيخ المجاهد محمد البشير الإبراهيمي رئيس جمعية علماء المسلمين الجزائريين رحمه الله عام 1955م آنذاك والذي كان في رحلة دعوية لنصرة وطنه و​لا تزال صورة ذاك اليوم مطبوعة في الذاكرة. فقد ألهبت الكلمات الحماسية القلوب وعلى رأسها كلمة فضيلة الشيخ محمد محمود الصواف أحد أعلام العراق الكبار ، بحضور ثلة من علماء الموصل الأفاضل، كالشيخ بشير الصقال والشيخ عبد الغني الحبار طيب الله ثراهم جميعاً.

و​أتذكر جيداً وكأنها البارحة المشهد الذي لا يغيب كيف امتلأت عباءة الشيخ الصواف والذي كان يتلقى التبرعات بنفسه بالمخشلات الذهبية من النساء والأموال التي جادت بها أيادي أهل الموصل الكريمة لدعم إخوانهم في الجزائر. ويومها أثبتت الموصل أن النخوة ليست شعاراً بل ممارسة.

​وها نحن اليوم نرى المشهد يتكرر والوجوه تختلف لكن الجوهر واحد والهدف نبيل: نصرة إخواننا في غزة وفلسطين. هذا التناغم الروحاني بين الأمس واليوم يبعث في النفس الطمأنينة بأن جذوة الإيمان والمؤازرة لن تنطفئ في قلوب أبناء هذه المدينة المباركة.

​إن هذا التجمع وهذه المبادرة هي تحقيق قوله تعالى :
(وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) الروم:47
فكما نصر الله الجزائر فسيتحقق ايضاً لأهلنا في فلسطين وغزة!
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى