روسيا

ليست إقالة لوزير الدفاع الروسي بل تغييرات اعتيادية قانونية في الحكومة الروسية

ماتريوشكا نيوز – موسكو

* 21 وزارة، و9 نواب لرئيس الحكومة، مع نائب أول جديد، واحتفاظ عدد كبير من الوزراء بحقائبهم الوزارية، مع استحداث مهمات جديدة.

بين الإقالة والاستقالة
لم تهدأ أجهزة الإعلام الغربية التي ضجت نفسها بالخبر، وأحدثت ضجة حول ما اعتبرته إقالة لوزير الدفاع الروسي شويغو، خاصة أنه تزامن مع تحقيق القوات الروسية انتصارات مشهودة في منطقة خاركوف مما يجعل مجرد فكرة إقالة وزير الدفاع ملفتة للنظر كإجراء في غير محله.
ولكن الأمر غير ذلك على الإطلاق، أولا لا بد أن نعير اهتماما إلى أن تقبُّل الناس لمصطلح “الإقالة” يمر عبر الطابع السلبي بل السلبي جدا، إنها موازية للطرد، فيما تعني الاستقالة رغبة الشخص نفسه بترك العمل لاعتبارات خاصة، وأحيانا يطلب من المسؤول أن يقدم استقالته بنفسه تحديدا لكيلا تُحدث عبارة “تمت إقالته من منصبه” ردة فعل قد تسيء إلى سمعة المسؤول المعني، نشير هنا إلى أن وزير الدفاع السابق سيرديكوف قد تمت إقالته بالفعل عام 2012 بتهمة الإهمال وجرى التحقيق معه ، وفرضت عليه آنذاك الإقامة الجبرية التي هي صيغة ملطفة من الاعتقال.

ما الذي حدث في الواقع
الذي حدث واقعيا أن القانون الروسي يفرض على الرئيس المنتخب، أو الذي أعيد انتخابه أن يقيل الحكومة برمتها، ومن ثم أن يقدم اقتراحاته حول هيكليتها وتشكيلتها الجديدة وترشيحاته لمن سيقود الحكومة الجديدة.
وقد أقال الرئيس بوتن الحكومة ثم اقترح لرئاسة الحكومة الجديدة ميشوستين أي رئيس الحكومة السابق، وهو عرف يُرجَّح عادة على أي حال، وعرض الترشيح على البرلمان الذي وافق بأغلبية ساحقة على أن يرأس مسشوستين الحكومة الجديدة، كما قدم الرئيس بوتن قائمة بترشيحاته لوزراء الحكومة الجديدة، وكذلك قيادات الأجهزة الأمنية الرئيسية، وكان في هذه القائمة أسماء وزراء بقوا في مناصبهم مثل لافروف للخارجية، وكولوكولتسيف للداخلية، وناريشكين كمدير لجهاز المخابرات الخارجية، وبورتنيكوف لرئاسة جهاز الأمن الفيدرالي، وكورينكوف للدفاع المدني، وتشويشينكو لوزارة العدل، وتعيين سيرغي شويغو سكرتيرا لمجلس الأمن القومي الروسي، وهو منصب بالغ الأهمية حيث يرأس الرئيس الروسي نفسه هذا المجلس، ونائبه هو مدفيديف الذي شغل سابقا منصب رئيس الدولة الروسية.
إذن ليس في الأمر إقالة لشويغو، بل تحويله إلى عمل آخر مع الاحتفاظ برتبته العسكرية كفريق، الذي أُنهي عمله هو سكرتير مجلس الأمن الروسي باترويشف الذي حل محله شويغو.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تم اختيار شخصية مدنية لقيادة وزارة الدفاع وخاصة في ظروف الحرب؟

اختيار الأكثر قدرة على الابتكار
حسب الناطق الرسمي باسم الكرملين الأمور التي تحتاج إلى خبرة عسكرية كبيرة سيتابعها رئيس الأركان العامة غاليري غيراسيموف الذي سيبقى في منصبه، طبعا هذه الترشيحات التي قدمها الرئيس بوتن سيعرضها رئيس الحكومة للمناقشة على مجلس الدوما اليوم 13 مايو ثم على مجلس الشيوخ غدا 14 مايو والأرجح أن تمر جميع الترشيحات بمن فيها بيلوأوسوف الوزير الجديد لوزارة للدفاع الروسية الذي حلَّ محلَّ شويغو، فمن هو بيلاأوسوف؟
هو أندريه بيلاأوسوف من مواليد عام 1959 ، أي أنه في الخامسة والستين من عمره في حين أن شويغو من مواليد 1955 ، وهذا يعني أن مسألة العمر ليست رئيسية هنا، و بيلاأوسوف حصل على الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة موسكو، وأثبت تميزا وقدرة على ابتكار الحلول لمعالجة الأزمات الطارئة، وعمل ككبير الباحثين في معهد التنبؤ الاقتصادي الوطني، من ثم وزيرا للتنمية الاقتصادية ومساعدا للرئيس بوتن للشؤون الاقتصادية، وكان رئيس مجلس إدارة شركة روس نفط العملاقة، ثم نائبا لرئيس الحكومة، وأشرف على تطوير تقنيات مركبات النقل عالية السرعة وأنظمة التحكم الذكية ومجمل معدات النقل من الجيل الجديد، أي أنه عقل تقني تصميمي مميز حتى أن بيسكوف الناطق باسم الكرملين اعتبر أن الرئيس بوتن انطلق في اختياره من أن الذي يفوز في ساحة المعركة هو من يكون الأكثر انفتاحا على الابتكار وأكثر قدرة على التنفيذ الأسرع، مضيفا ولهذا قرر الرئيس إسناد وزارة الدفاع لبيلاأوسوف.

التغييرات التي طرأت على الحكومة
يمكن إيجاز أهم التغييرات التي طرأت على الحكومة الجديدة التي سيرأسها ميشوستين بالتالي
تغيير في نواب رئيس الحكومة حيث لم يعد بيلاأوسوف نائبا لرئيس الحكومة، بل غدا وزيرا للدفاع، ولم تعد كذلك فيكتوريا أبرامتشينكو نائبة لرئيس الحكومة بل انتقلت إلى عمل آخر، كما اقترح أن يغدو دينيس مانتوروف نائبا أول لرئيس الحكومة وكان يشغل منصب وزير الصناعة والتجارة، كما سيعهد لألكسندر نوفاك الإشراف على الكتلة الاقتصادية إضافة إلى الطاقة، وسيحل وزير الزراعة دمتري باترويشف ” نجل نيوكولاي باترويشف سكرتير مجلس الأمن القومي” محل فيكتوريا أبرامتشينو نائبا لرئيس الحكومة، وتم استحداث منصب جديد هو نائب رئيس الحكومة لشؤون النقل وسيكلف بهذه المهمة سافيليف وزير النقل ، وسيبقى في الحكومة عدد من الوزراء السابقين مع إضافة مهمات لعملهم السابق، كما اقترح رئيس الحكومة تعيين أربعة حكام مقاطعات في مناصب وزارية، واحتفظ أحد عشر وزيرا بحقائبهم الوزارية.

– وهكذا نستطيع أن نستوضح بسطوع أن الأمر ليس إقالة لوزير الدفاع، بل هو تغيير في الحكومة عموما بموجب القانون بعد الانتخابات الرئاسية، حيث حافظ الرئيس بوتن على قوام الحكومة وحسب المرسوم الرئاسي ستشمل الحكومة الجديدة 21 وزارة ونائبا أول لرئيس الحكومة إضافة إلى 9 نواب عاديين له، وسيقدم ميشوستين قائمة مرشحيه لنواب رئيس الحكومة، وكذلك الوزراء الفدراليين خلال أسبوعين ثم يتخذ يصادق الدوما على ترشيحهم خلال أسبوع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى