“مرض معقد ومُنهِك. تأثير متلازمة التعب المزمن السلبي على الصحة والسعادة والإنتاجية. تتشابه أعراض متلازمة التعب المزمن مع أعراض الكثير من الأمراض، لكنَّ الشعور بالتعب والإجهاد المستمر هو السمة المميزة له. ولا تعرف بوضوح أسباب متلازمة التعب المزمن. ويتعلم المرضى الذين يتعايشون مع متلازمة التعب المزمن، التعامل مع الإرهاق الدائم من خلال الحرص على عدم استنزاف احتياطيات الطاقة المحدودة. الحياة المنضبطة هي الطريقة التي تتدبر بها العيش مع متلازمة التعب المزمن”.
حالة طويلة الأمد مع مجموعة واسعة من الأعراض، وأكثر الأعراض شيوعًا هو التعب الشديد، وهو مرض معقد ومُنهِك، قد يُشخَّص بعد ستة أشهر أو أكثر من التعب الشديد الذي لا يتحسن بالراحة، والذي قد يزداد سوءًا بعد الأنشطة التي تستخدم الطاقة البدنية أو العقلية، ويمكن أن يؤثر على أي شخص، بما في ذلك الأطفال ولكنه أكثر شيوعًا عند النساء .بلغ معدل الإصابة بمتلازمة التعب المزمن نحو 1 من كل 100 شخص بين مراجعي أماكن الرعاية الأولية، وتتباين التقديرات بشكل كبير بسبب المعايير المختلفة المستخدمة في الدراسات الوبائية. تقدر الدراسات أن 836,000 إلى 2.5 مليون أمريكي و250،000 شخص في المملكة المتحدة يعانون من متلازمة التعب المزمن وهي أكثر حدوثًا عند النساء بمعدل ضعف ونصف إلى ضعفين مقارنةً بالرجال. يصيب هذا المرض البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عامًا، ويمكن أن يحدث في أعمار أخرى بما في ذلك الطفولة. تشير دراسات أخرى إلى إصابة 1 من كل 200 طفل بمتلازمة التعب المزمن، وهي أكثر شيوعًا عند المراهقين مقارنةً بالأطفال الأصغر سنًا. متلازمة التعب المزمن سبب رئيسي للتغيّب عن المدرسة. وهناك إجماع على تأثير متلازمة التعب المزمن السلبي على الصحة والسعادة والإنتاجية، إلى جانب الجدل الواسع حول الكثير من جوانب هذا الاضطراب. يشجّع الأطباء والباحثون والمدافعون عن مرضى هذه المتلازمة أسماء ومعايير تشخيصية مختلفة،فيما تبقى الأدلة حول الأسباب والعلاجات المقترحة متناقضة أو ذات جودة منخفضة.
أسبابه:
قد يكون له أكثر من سبب، كما يمكن أن يعمل اثنان أو أكثر من المحفزات معًا على إحداث المرض، ومن بعض الأسباب المحتملة:
- العدوى مثل: العدوى بفيروس إبشتين بار “EBV”.
- تغيير في جهاز المناعة لدى الشخص وطريقة استجابته للعدوى أو الإجهاد.
- إجهاد جسدي أو عاطفي.
- الجينات والبيئة.
- انخفاض ضغط الدم المزمن (انخفاض ضغط الدم) الناجم عن مشكلة في الجهاز العصبي.
- خلل في خلايا الجسم يؤثر على إنتاج الطاقة.
أعراضه
قد تتشابه أعراض متلازمة التعب المزمن مع أعراض الكثير من الأمراض، لكنَّ الشعور بالتعب والإجهاد المستمر هو السمة المميزة له، حيث قد يتطور التعب فجأة (بعد الإصابة بعدوى مثل: نزلات البرد أو الإنفلونزا)، أو قد يتطور تدريجيًّا على مدار عدة أشهر، ويمكن أن يؤدي الإرهاق والتعب إلى ضعف كبير في القدرة على العمل في المنزل أو في العمل، والذي عادةً لا يتحسن بعد الراحة، وتشمل السمات الأخرى ما يلي:
- الشعور بالتعب بعد المجهود والذي قد يحدث بعد المجهود البدني، أو العقلي، أو الوقوف لفترة طويلة.
- الشعور بعدم كفاية النوم وقلة النشاط في الصباح.
- مواجهة صعوبة في التركيز أو مشاكل في الانتباه والذاكرة.
- تفاقم الأعراض عند الوقوف والحفاظ على وضعية مستقيمة وتحسُّنها عند الاستلقاء.
لا يوجد علاج نهائي له، لكن يمكن تقليل بعض الأعراض أو التحكم فيها وتحسين جودة الحياة، قد يوفر علاج هذه الأعراض الراحة لبعض المرضى.
صورة غير واضحة
مازال السبب غير مفهوم، وتشمل الآليات المقترحة الأسباب البيولوجية والوراثية والمُعديَة، والإجهاد البدني أو النفسي الذي يؤثر على كيمياء الجسم. يعتمد التشخيص على الأعراض نظرًا لعدم وجود اختبار تشخيصي مؤكد. التعب في متلازمة التعب المزمن ليس ناتجًا عن مجهود شديد مستمر، ولا يخف كثيرًا بعد الراحة، ولا يسببه وجود حالة طبية سابقة. التعب من الأعراض الشائعة في أمراض كثيرة، ولكن التعب غير المبرر وشدة الإعاقة الوظيفية المرافقة لمتلازمة التعب المزمن نادرة نسبيًا في تلك الأمراض.
الوظائف البدنية
تتفاوت القدرة الوظيفية للأفراد المصابين بمتلازمة التعب المزمن إلى حد كبير. يعيش بعض المصابين حياة طبيعية نسبيَّا; بينما يلزم البعض الآخر السرير ويكونون عاجزين عن رعاية أنفسهم. بالنسبة لغالبية المصابين بمتلازمة التعب المزمن، تنخفض الأنشطة في العمل والمدرسة والعائلة لفترات طويلة. شدة الأعراض والعجز متماثلة عند الجنسين، ويعاني الكثيرون من الألم المزمن المُعيق بشدة. يبلغ المرضى عن تدنٍ حرج في مستويات النشاط البدني. ولوحظ انخفاض في درجة تعقيد الأنشطة. يشابه الضعف المُبلّغ عنه حالات طبية أخرى منها الإيدز في المرحلة المتأخرة، والذئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والداء الرئوي الساد المزمن، والأمراض الكلوية في مراحلها النهائية. تؤثر متلازمة التعب المزمن على الحالة الوظيفية للشخص وعافيته النفسية أكثر من حالات طبية مهمة مثل التصلب المتعدد، أو فشل القلب الاحتقاني، أو داء السكري من النمط الثاني . في معظم الأحيان، تتناوب دورات من التعافي والنكس، ما يصعّب تدبير المرض. يزيد الأشخاص الذين يشعرون بتحسن لفترة من الزمن من أنشطتهم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأعراض عند الانتكاس.
25% من المصابين بمتلازمة التعب المزمن يلزمون المنزل أو لا يغادرون السرير لفترات طويلة تمتد لعقود. يقدر أن 75% غير قادرين على العمل بسبب المرض. يحصل أكثر من نصف المرضى على إعانات العجز أو الإجازات المرضية المؤقتة، ويعمل أقل من الخمس بدوام كامل. الإصابة بالمرض عند الأطفال هي سبب مهم للتغيب عن المدرسة.
حكاية إديلجارد
كانت كل حركة موجعة. إديلجارد كلاسينج لم تستطع حتى الجلوس على كرسي، أو تمسك بملعقة أو ترفع ذراعيها دون الشعور بالإرهاق أو ألم شديد في ذراعيها وساقيها. وتقول كلاسينج: «قد يتولي زوجي إطعامي أو أزحف للوصول إلى المرحاض، لأنني ببساطة لا أملك القوة للمشي». في سن الخامسة والثلاثين، كانت طريحة الفراش لأكثر من عام ونصف عام، وقت أطول من المعتاد بالنسبة لشخص مصاب بالحمى الغدية. وفقط في وقت لاحق رأى الطبيب أنها قد تكون منهكة بشكل مزمن، أو مصابة بمتلازمة التعب المزمن.
ويوضح أخصائي المناعة فيلفريد بيجر: «يرد التفكير في الإصابة بمتلازمة التعب المزمن، عندما يرى الشخص قصورًا في قدرته على القيام بالمهام اليومية بنسبة 50 في المائة أو أكثر، ويجب أن تستمر محدودية قدرة الأداء لستة أشهر على الأقل».
بالإضافة إلى الإرهاق المنهك للقوى، فإن الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن يجدون صعوبة في النوم، والتركيز والتذكر. كما يعانون من آلام في المفاصل والرقبة والرأس والعضلات.
لا تعرف بوضوح أسباب متلازمة التعب المزمن.
ويقول يواكيم شترينس، أخصائي الطب الباطني: «من المحتمل أن يكون فرط نشاط بالجهاز المناعي»، ويعتقد أن الخلايا التي تمد الجسم بالطاقة، والمسماة الميتوكوندريا، أصابها العطب. لأن التعب غالبًا ما يكون عرضًا مصاحبًا لأمراض أخرى، يتم تشخيص متلازمة التعب المزمن عن طريق استبعاد الاحتمالات الأخرى أولا. ونتيجة لذلك، يمكن أن يستغرق الوصول إلى تشخيص متلازمة التعب المزمن، سنوات، ولا يوجد علاج محدد لها.
ويتعلم المرضى الذين يتعايشون مع متلازمة التعب المزمن، التعامل مع الإرهاق الدائم من خلال الحرص على عدم استنزاف احتياطيات الطاقة المحدودة. «الأمر يستحق توفير الطاقة حتى عند القيام بالأنشطة اليومية الصغيرة»، بحسب كلاسينج. وهي رئيس منظمة ألمانية للمرضى تدعى «فاتيجاتيو». وتتابع: «على سبيل المثال، يمكنك الجلوس بدلا من الوقوف، قيادة سيارة بدلا من المشي، أو حتى تسقط الكي من حساباتك». وتجد كلاسينج أيضًا أنه من المفيد أن يكون لديها خطة للأحداث والمهام القادمة. وكما توضح: «إذا كان لدي موعد مهم غدًا، أقتطع من مقدار الطاقة الذي أبذله في اليوم السابق».
هذه الحياة المنضبطة هي الطريقة التي تتدبر بها العيش مع متلازمة التعب المزمن. وتستطيع كلاسينج «57 عامًا»، العمل والتسوق وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء، وهي أشياء كانت تبدو مستحيلة عندما ضربها المرض للمرة الأولى. وتقول: «الآن لا تتخطاني الحياة، يمكنني تجربة الأشياء الجيدة في الحياة مرة أخرى».