الهدف منه إلغاء حق عودة الفلسطينيين مشروع إسرائيلي سري يحصر أملاك اليهود في الدول العربية
ماتريوشكا نيوز
“مشروع القانون ينقسم لقسمين: الأول يطالب مصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن والبحرين بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي، قيمتها 300 مليار دولار أمريكي، مقسَّمة فيما بينهم طبقاً للتعداد السكاني الأخير لليهودعام 1948. أما القسم الثاني من القانون فتطالب فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية المملكة العربية السعودية بدفع تعويضات قيمتها تتجاوز مائة مليار دولار مقابل أملاك تزعم أنها لليهود منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. أما إيران فلها قسم خاص في المشروع، حيث يطالبها بدفع مائة مليار دولار وحدها تعويضاً عن مئات القتلى والمفقودين من اليهود الإيرانيين داخل إيران دون علم مصيرهم حتى اليوم. كما تطالب البحرين بالتعويضات عن أملاك أسر يهودية كانت تعيش في المنامة، ولها مدافن يهودية في البحرين حتى اليوم. الهدف الإجمالي للحملة ابتزاز مبلغ كبير بإجمالي 300 مليار دولار من دول المنطقة لتعويض اليهود،وهو ما يساوي أضعاف مضاعفة تعويضات اللاجئين الفلسطينيين الحقيقية والمستحقة”.
في الوقت الذي كانت تُطبخ فيه ما يُدعى “إتفاقيات أبراهام” التطبيعية قبل عدة أعوام، وتسريب معلومات حول مشروع ترامب المسمى “صفقة القرن” عشية دخوله البيت الأبيض لأول مرة يوم 20/1/2017.. كان “الكيان” العدواني التوسّعي يطبخ مشروعاً سرّياً حول ما أسماه “ملف أملاك اليهود في الدول العربية” وتضعه على أجندتها السياسية الابتزازية، وذلك من خلال تجميع البيانات المطلوبة بصورة سرية في الدول العربية، وقد استغرق هذا المشروع 18 شهراً في المغرب والعراق وسوريا ومصر واليمن، بالإضافة إلى إيران ودول أخرى لم يكشف عنها. وأُبقي الأمر طي الكتمان إلى أن تمكن من إنجازه، حينها تم كشف المستور، والإعلان عن حصر قيمة الممتلكات التي تركها اليهود في الدول العربية، عندما وصلوا إلى فلسطين المحتلة عام 1948، بمبلغ 300 مليار دولار، وبدون الافصاح عن التفاصيل وكيف نتج هذا المبلغ الكبير؟ وذلك بالتزامن مع كشف تسريبات حول سعي السلطة الفلسطينية للحصول على تعويضات من “إسرائيل” قيمتها تفوق 100 مليار دولار لأملاك تركها السكان العرب ـ فروا أو طردوا ـ عند قيام دول الاحتلال، وقدموا وثائق من أجل ذلك للولايات المتحدة قبل حوالي عشر سنوات من تاريخه. ومع اقتراب عودة ترامب للمرة الثانية، استعاد هذا الأمر بريقه مجدداً، وهو ما يعكس مدى الغطرسة والعنجهية التي بلغها “الكيان”، ومستوى البجاحة والوقاحة الذي آل إليه كلص غاصب وكاذب، ومزوِّر لوقائع التاريخ والجغرافيا الدامغة، وطفيلي شجع ومبتزّ حتى لصانعيه وداعميه والمطبعين معه.
فحص المعايير
وبحسب ما أُعلن “الكيان” فإن المشروع السرّي قد فحص المعايير ذاتها التي درسها الفلسطينيون في تقدير ممتلكاتهم، والتي استولت عليها إسرائيل عند إقامتها، وبالتالي تضع إسرائيل مسألة ممتلكات اليهود أمام حق عودة الفلسطينيين، إذ أعلن فور الكشف عن قيمة أملاك اليهود، أن إسرائيل ستعمل على الصعد الدولية كافة للتعامل مع جميع لاجئي الشرق الأوسط بالمعايير نفسها، أي أن الأمر سيقتصر على تعويضهم مالياً وليس بعودتهم إلى بلادهم.
ثم تقدمت وزيرة المساواة الاجتماعية جيلا جملئيل، إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بالنتائج التفصيلية لهذا المشروع، بعد فحص نتائجه من قبل مجلس الأمن القومي. وقالت “هذا ليس أقل من بداية تصحيح لظلم تاريخي، سيتيح في إطاره إرجاع ممتلكات مئات آلاف اللاجئين اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم، والتي يستحقونها، إلى جانب مكانتهم المنسية في السرد التاريخي للدولة التي قامت بالتوازي مع لجوئهم”.
قانون تعويض
ومنذ عام 2002، طرحت تل أبيب ما اعتبرته الحاجة لإجراء تقدير لممتلكات اليهود يُشكل بديلاً للإحصاء الذي أعده الفلسطينيون (حول ممتلكاتهم في فلسطين المحتلة). وعام 2010 سُنّ قانون يجري بموجبه تعويض اليهود المهاجرين من الدول العربية وإيران عن فقدان ممتلكاتهم، في كل مفاوضات مستقبلية، لكن تفاصيل هذه الممتلكات وموقعها وقيمتها لم تكن معروفة، ما دفع إلى المشروع السري، الذي من خلاله جرى إدخال ناشطين إلى مختلف الدول العربية في محاولة لحصر هذه الممتلكات، إضافة إلى نشاطات محلية ودولية لم يُكشف عنها.
البيانات المتعلقة بالممتلكات قُسّمت إلى الفئات التالية: الأراضي والعقارات في الريف، العقارات في المدن، قيمة المنشآت التجارية، فقدان الدخل والإيرادات المحتملة، الممتلكات المنقولة والممتلكات العامة (المجتمعية اليهودية). وبحسب البيانات الإسرائيلية فإن إجمال التعويضات المطلوبة 250 مليار دولار وفق ما نقل موقع “بلومبرغ” الأميركي عن تلفزيون “الكيان” فور استلام ترامب الحكم ، وقد تم استئجار شركة إحصاء دولية خصيصاً لتقدير الأضرار التي لحقت بالجماعات اليهودية في الدول العربية وإيران قبل فرض إنشاء هذا “الكيان” على التراب الفلسطيني، ولم يُكشف بعد عن ماهية تلك الشركة المستأجرة.
أرقام فلكية؟!
صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” كشفت أن قيمة الأملاك التي خلفها اليهود في إيران تقدر بحوالى 31.3 مليار دولار، وفي تونس 35 ملياراً، وليبيا 15 ملياراً، وما يقارب الـ 2.6 مليار دولار في اليمن، وفي سوريا حوالى 1.4 مليار دولار وفي عدن 700 مليون دولار…
وكانت صحيفة “ميدل أيست مونيتر” البريطانية قد كشفت أواخر عام 2011 أن ” إسرائيل تقوم حالياً عن طريق المدير العام لإدارة الأملاك بوزارة الخارجية الإسرائيلية بإعداد مشروع قانون سيُطرح على الكنيست في مارس المقبل، يلزم الحكومة الإسرائيلية بمطالبة حكومات الدول العربية، ومنها المملكة العربية السعودية، برد أملاك اليهود في هذه البلاد قبل أن يتركوها في العام 1948م، تمهيداً لوضعه على مائدة المفاوضات الدولية في حالة الضغط على إسرائيل بحق العودة للفلسطينيين”. وذكرت الصحيفة “أن مشروع القانون ينقسم لقسمين: الأول يطالب مصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن والبحرين بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي، قيمتها 300 مليار دولار أمريكي، مقسَّمة فيما بينهم طبقاً للتعداد السكاني الأخير لليهود عام 1948. أما القسم الثاني من القانون فتطالب فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية المملكة العربية السعودية بدفع تعويضات قيمتها تتجاوز مائة مليار دولار مقابل أملاك تزعم أنها لليهود منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو المشروع الذي يعمل حالياً عليه كبار خبراء القانون الدولي والتاريخ والجغرافيا الإسرائيليين في جامعات بار إيلان وبئر السبع وتل أبيب والقدس وحيفا، بتمويل خاص حدد بـ100 مليون دولار أمريكي، اقتطع من ميزانية وزارة الخارجية الإسرائيلية لعام 2012. أما إيران فلها قسم خاص في إطار المشروع نفسه؛ حيث تطالبها إسرائيل بدفع مائة مليار دولار وحدها تعويضاً عن مئات القتلى والمفقودين من اليهود الإيرانيين داخل إيران دون علم مصيرهم حتى اليوم. كما أن إسرائيل تطالب البحرين هي الأخرى بالتعويضات عن أملاك أسر يهودية كانت تعيش في المنامة، ولها مدافن يهودية في البحرين حتى اليوم طبقاً للمعلومات المتسربة من المشروع الإسرائيلي”.
حملة “أنا لاجئ يهودي”
ومنذ عام 2017 نشطت جهات إسرائيلية عدة لتسجيل الممتلكات التي تركها اليهود في الدول العربية. ووفق بيانات إسرائيلية، فقد جرى تعبئة 14 ألف نموذج، من قبل وزارة القضاء. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد تحملت مسؤولية جوانب كثيرة في هذه القضية، وأعلنت عن حملة واسعة تحت اسم “أنا لاجئ يهودي”، بهدف حصر تعويضات اليهود من الدول العربية. وخلال الحملة جرى دعوة جميع اليهود، الذين قَدِموا من الدول العربية، إلى إعداد شهادات توثيقية ومستندات عن حياتهم في الدول العربية قبل المجيء إلى إسرائيل، ونشرها على صفحة “فيسبوك” التابعة للوزارة. ووفقاً للاستمارات التي جرى تعبئتها، يتوجب تسجيل التفاصيل كافة، منذ لحظة اتخاذ قرار ترك الدول العربية وكيفية مغادرة بيوتهم، وصولاً إلى لحظة وصولهم إلى إسرائيل. كما تشمل المستندات شرحاً عما تعتبره إسرائيل “معاناة وسلب حقوقهم في الدول العربية التي غادروها، وكيف سُلبت أموالهم وممتلكاتهم وطُردوا”.
وتدخل في تفاصيل الوثائق أيضاً، التكاليف المالية، حتى تلك البسيطة التي قد يكون اليهودي دفعها عندما توجه إلى محام لاستشارته حول بيع بيته أو حقوقه أو تكاليف الاتصالات الهاتفية، التي أجراها الآتون من الدول العربية قبل مغادرة الدولة التي كان يعيشون فيها وبعدها. وكان الهدف الإجمالي للحملة أن تطرح إسرائيل مبلغاً لتعويض اليهود يساوي أضعاف تعويضات اللاجئين الفلسطينيين. يؤكد “الكيان” الغاصب أن قيمة الأملاك اليهودية المفقودة في الدول العربية تساوي ضعفي الأملاك التي فقدها اللاجئون الفلسطينيون، ففي حين بلغت القيمة الإجمالية لما فقده الفلسطينيون حوالى 450 مليون دولار (أي ما يعادل حوالى أربعة مليارات دولار)، فقد اللاجئون اليهود ممتلكات بلغت قيمتها الإجمالية 700 مليون دولار، وهو ما يعادل الستة مليارات دولار.
مقارنة في غير محلّها
وفي الملف السرّي المُسرّب يدّعي “الكيان” أيضاً أن عدد الفلسطينيين الذين شُرّدوا وهُجّروا عام 48 بلغ 750 ألف فلسطيني، فيما تجاوز عدد يهود الدول العربية في تلك الفترة الـ 900 ألف. وأن يهود الدول العربية، وبسبب ميلهم للعيش في المدن وممارسة مختلف المهن، بخلاف الفلسطينيين الذين كانوا أكثر ميلاً للحياة القروية، جمعوا ممتلكات وثروات أكثر، واضطروا إلى هجرها في بلدانهم الأصلية. وأنه قد تمكّن من إعادة أكثر من 90 في المئة من الحسابات المجمدة ومحتويات الخزانات الخاصة في البنوك، بالإضافة إلى ممتلكات أخرى تابعة للاجئين.
واتفقت الجهات التي شاركت في إعداد المشروع على “ضرورة ضمان حصول جميع اللاجئين في الشرق الأوسط على معاملة متساوية بموجب القانون الدولي، من أجل أن تكون أي عملية سياسية موثوقة وطويلة الأجل”. طرح قضية حقوق جميع اللاجئين في الشرق الأوسط تهدف إلى حصر النقاش حول حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وما سيرافقه من نقاش مماثل يتعلق بحقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية.
الأنكى أن “الكيان” يدّعي أن اللاجئين الفلسطينيين سوف يصبحون مواطنين في دولة فلسطينية ضمن اتفاق سلام دائم، تماما كما أصبح اللاجئون اليهود من الدول العربية مواطنين في دولة الاحتلال الإسرائيلي؟!
مخططات “إرهاب” إسرائيلية
تشير الوقائع التاريخية المثبتة بإن “الكيان” المجرم أقدم على ارتكاب عدة عمليات إرهابية موصوفة لإجبار اليهود في الدول العربية على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، ومن أشهر هذه العمليات “عزرا ونحميا” التي دفعت يهود العراق إلى اللجوء، من خلال عمليات تفجير استهدفت معابد يهودية، ومتاجر ومقاهٍ كانت مملوكة ليهود العراق أو يترددون عليها. ثم استغلال ذلك في نشر شائعات بترهيب اليهود، أجبرت في نهاية المطاف 123 ألف يهودي عراقي على الهجرة إلى إسرائيل بحلول عام 1951. أما في اليمن، فقد أدت الفتنة والقلاقل التي أثارها عملاء الموساد إلى نجاح مهمة “بساط الريح” التي تم بفضلها تهجير نحو 50 ألف يهودي يمني إلى إسرائيل بحلول عام 1950. ولم يختلف الأمر كثيراً في مصر إبان حكم عبد الناصر، حيث استهدف الموساد تفجير متاجر اليهود وأطلق شائعات الرعب والترهيب لدفع يهود مصر للرحيل، وهو الأمر الذي بلغت ذروته بوقوع العدوان الثلاثي على مصر في 1956. ويبدو أن هناك الكثير من مثيلات ما حصل في العراق ومصر واليمن تحتاج إلى دراسات جادة وجدية معمّقة. كما أن ذات الامر ينسحب على ما جرى في القارة الأوروبية قبل وإبان الحرب العالمية الثانية، وعلاقة الحركة الصهيونية مع الفاشية والنازية لدفع يهود أوربا للهجرة نحو فلسطين، وكذلك ما جرى في روسيا القيصرية ثم الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية، ثم الهجرة الكبري في بداية عقد التسعينيات مع انهيار الكتلة الشرقية والاتحاد السوفييتي، وهو ما يحتاج إلى فتح كل هذه الملفات السوداء التي يكتنفها الكتمان والسرّية حتى يومنا هذا.
غيض من فيض الحقائق
كعادتها يطالب “الكيان” الإرهابي المصطنع بحقوق لا يستحقها، فها هي اليوم يسعى إلى الحصول على مبالغ مالية ضخمة من دول عربية تعويضاً لليهود المهجرين منها منذ زمن، لكنه لا يعترف بأنه كان سببا في هذا التهجير عبر عمليات “الترهيب الترغيب” التي قامت بها عناصر جهاز المخابرات (الموساد) لإجبار يهود الشرق الأوسط على الرحيل إلى فلسطين المغتصبة. وبهذه الخطوة، يتناسى أنه كان سببا في تهجير اليهود العرب من دولهم إلى كيانه الوليد، تحت مزاعم “الإبادة والفناء” التي كان مؤسسو هذا “الكيان” يبالغون في الحديث عنها.
وكيف تستقيم هذا الإدعاءات والفبركات مع ما أعترف به “الكيان” ذاته من نجاحه في تنفيذ مئات عمليات نقل اليهود العرب إلى فلسطين المحتلة مثل عملية “البساط السحري”، التي نقل خلالها 50 ألف يهودي في 425 رحلة جوية من اليمن، و”بساط الريح”، التي نقل فيها 50 ألفا آخرون، بينما نقل قرابة 113 ألف يهودي عراقي إلى دولة الاحتلال بطائرات أميركية في عملية أطلق عليها اسم “علي بابا”، وعملية “موسى” لنقل يهود الفلاشا، وغيرها الكثير، وما خفي أكثر وأعظم.