إن كل ما صدر من تصريحات عن هرتسي هليفي يوم أمس لا تزال في مرحلة التلويح بالتهديد، وهي أيضا للضغط على حزب الله إن كان لهم رغبة بالتفاوض كما تسرب مساء اليوم الكبينيت الامني المُصغر خوّل نتنياهو وغالانت التوغل البري جنوب لبنان في الوقت المناسب وعند الحاجة له. حتى الآن فإن كل التصريحات والتخويلات مُجرد استعدادات وتحضيرات وتهديدات وعلينا أن نتوقع اي احتمال من نتنياهو وزمرته المتطرفة، حيث انها تمر في أزمات متعددة وتتعرض لضغوط داخلية وخارجية، فهم لا يتمعنون ولايتصرفون بعقلانية بل وفق نزعتهم وعقدهم ومصالحهم، حتى ان تصريح نتنياهو بتشكيل فريق عمل لإجراء المفاوضات لوقف النار مع حزب الله هو مُخادعة تكتيكية ليوظفها في خطابه بالجمعية العامة يوم الجمعة أمام العالم بانه لايريد الحرب، ولكن حتى لو سار في هذا المسار فلا يخرج ذلك عن حبال الكذب والمماطلة والاطالة كما فعل في غزة.
لقد تميزت كل تصريحات مسؤولي اسرائيل هذا اليوم بالصلافة وطالبت بإستمرار القتال ورفض وقف إطلاق النار ورفض مبادرة الأمريكان والفرنسيين للتهدئة 21 يوم؛ فبهذه الحالة لا خيار أمامنا إلا بالتهيؤ لمواجهة قاسية وطويلة وحرب استنزاف..
إن العدو لن ينكسر إلا بالخسائر البشرية، وهذا هو الهدف المهم أمام حزب الله في لبنان في صفوف الجيش خاصة مع التركيز على خلق أزمة لاجئين في شمال ووسط إسرائيل.
لقد ارتفعت نسبة المُطالبات في إسرائيل بضرورة شن عملية وتوغل بري في جنوب لبنان وان الفرصة الان مؤاتية جدا، لذلك بعد ان تلقى حزب الله ضربات مؤثرة نوعاً ما وتكبد خسائر كثيرة وهو في حالة فقدان للتوازن، هذا كلام وتقدير الإسرائيليين.
ان القضية اصبحت قضية تحدي ووجود وإصرار على العناد ازاء ذلك، وأنهُ اذا لم يكن هناك موقف عربي واسلامي رادع وخاصة من ايران ومصر، فسوف يزداد الموقف تعقد وحلهُ لا بد ان يكون في كسر العناد والغطرسة الإسرائيلية.
اما حقيقة ما يُريد ان يدفع به الجانب الأمريكي “وهذا مايدور في دوائرهم الإستخبارية الضيقة” إنه سوف يطلب وكإجراء احترازي لتجنب لبنان وشعبه الاجتياح الاسرائيلي المحدود وسيعرض وسيطهُ الى لبنان مقترح نشر الجيش اللبناني في الجنوب وتحديداً في مناطق مُعينة وسيدعي بأن اسرائيل اخبرته بنيتها اجتياحها لهذه المناطق وسيحاول اقناع الطرف اللبناني بأن الجيش سيكون مُجرد حاجز بين قوات المُقاومة والقوات الإسرائيلية لعله يُغير من نية إسرائيل، ويُقنعها بواسطة الوسيط الامريكي بعدم التوغل في الجنوب، وقد يطلب من رئيس الحكومة ميقاتي شخصياً إقناع حزب الله بطريقته الخاصة بعدم الممانعة من انتشار محدود للجيش على أن لا يتخذ الحزب من الجيش غطاء لتحركاته، وهنا سيبلغهم الوسيط أو يمرر لهم التهديد الأخطر بالتدمير الشامل، وسيدعي حرصه المُفرط على لبنان بضرورة تجنب الخطوة الإسرائيلية المزمعة بأي ثمن وبأي جهد ينبغي منع التوغل الاسرائيلي وسوف يستطرد بالحديث بأن مجرد دخولهم فخروجهم سيكون صعباً للغاية بل مستحيلاً بذريعة ان البقاء ضرورة حيوية لأمن إسرائيل.