تقارير منوعة

المطروح الآن تدمير المشروع النووي الإيراني

بعد الهجوم الصاورخي الإيراني، لدى إسرائيل فرصة تاريخية لضرب المفاعلات في إيران، ومن الممكن ألاّ تتكرر هذه الفرصة. هناك شرعية للهجوم، وأغلب الردع من لبنان زال، وهناك تفوّق واضح لسلاح الجو الإسرائيلي، وتوجد صواريخ تخرق التحصينات وشرعية أميركية للرد. هذه فرصة إذا ضيعناها، فسنندم عليها ندماً شديداً”.

كتب محرر الشؤون الاستراتيجية والعسكرية “يارون فريدمان” مقالاً تحليلياً في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بالعنوان أعلاه يوم 4/10 الجاري، جاء فيه: “تقف إسرائيل أمام مفترق طرق تاريخي، فقد امتنعت، حتى الآن، من مهاجمة المنشآت النووية في إيران لثلاثة أسباب أساسية: التخوف من هجوم صاروخي قوي من حزب الله، وعدم الحصول على شرعية أميركية، وعدم وجود قنابل تخرق التحصينات تحت الأرض. والآن، زالت معظم هذه العوائق، ولم يعد حزب الله و(حماس) يمثلان تهديداً استراتيجياً علينا. وفي الواقع، فإن محور الممانعة الإيراني هو الآن في وضع ضعيف؛ فالميليشيات الشيعية في سورية والنظام السوري هما الآن في ذروة الضعف، بعد عقد من القتال ضد المعارضة خلال الحرب الأهلية، وميليشيات (الحشد الشعبي) في العراق هي الآن في مرحلة إعادة بناء بعد قتال دام سنوات (2014 -2017) ضد تنظيم داعش، والحوثيون تلقّوا ضربات مؤلمة من الائتلاف السعودي خلال 8 أعوام من الحرب ضد (أنصار الله) (2013- 2015)، وعلى الرغم من محافظتهم على قوتهم، فَهُم بعيدون عن إسرائيل، كي يشكلوا تهديداً مهماً عليها. لكن مع كل ذلك؛ فهل من الأفضل انتظار الاتفاق؟ بالنسبة إلى معارضي مهاجمة المفاعلات الإيرانية، هناك حجتان مركزيتان: الأولى أنه من الأفضل التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، والثانية هي أنه حتى لو حصل الإيرانيون على السلاح النووي، فإنهم لن يستخدموه. هل هذا صحيح؟ سنة 2015، جرى توقيع اتفاق بين إيران والولايات المتحدة (ألغته الإدارة الأميركية سنة 2018)، وهذا الاتفاق في نظر إيران كان يعني تأجيل تطوير السلاح النووي لمدة 10 أعوام، وهذا نوع من (صُلْح الحديبية) (اتفاق الصلح بين الرسول محمد وأهالي قريش). والتوجه المتفائل (أو الساذج) الذي ساد الدول الأوروبية والولايات المتحدة استند إلى افتراض أن النظام في طهران سيلتزم الاتفاق، وخلال الأعوام الـ 10 من الاتفاق، سيجري أحد الأمرين: إمّا أن يسقط النظام في طهران ويأتي مكانه نظام أكثر اعتدالاً، وإمّا أن النظام الحالي سيصبح معتدلاً ويغير سلوكه”.

واستطرد: “لكن يُظهر تحليل التاريخ الإيراني منذ الثورة سنة 1979 وحتى الآن أن هذه آمال فارغة؛ فالقيادة الإيرانية لن تنصاع أبداً للقوانين الدولية، ولن تسمح لمراقبي وكالة الطاقة الذرية بالوصول إلى كل المنشآت. عملياً، كشفت أجهزة استخبارات عديدة خلال سنوات المزيد من المنشآت النووية التي حاول النظام الإيراني إخفاءها، وبناء على ذلك، فإن إمكان سماح هذا النظام برقابة فاعلة تشمل كل المنشآت بعد توقيع الاتفاق ضئيلة جداً. أمّا فيما يتعلق باستقرار نظام الملالي، فيدل التاريخ على أنه صمد في مواجهة اضطرابات أقسى، ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى الحرب ضد العراق، والتي استمرت 8 سنوات، والاضطرابات سنة 2009، وموجات الاحتجاجات المتكررة منذ ذلك الحين، بينها ثورة الحجاب التي قُمعت بوحشية كبيرة. … ظل النظام الإيراني يضع في رأس سلم أولوياته تطلعاته إلى التوسع خارج إيران، عبر استغلال الأقليات الشيعية في العالم العربي، والقمع الوحشي للمعارضة داخل إيران. والعديد من الدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تخوفت مما يمكن أن يثمر عنه الاتفاق النووي؛ إذ إنه ما إن يوقَّع، حتى تتدفق مليارات الدولارات على إيران، التي يجب ألاّ ننسى أنها الدولة الثانية أو الثالثة من حيث مخزون النفط والغاز في الشرق الأوسط. وتدل تجربة الماضي على أن أغلبية المداخيل التي ستتوفر من رفع العقوبات ستنتقل إلى الحرس الثوري لإعادة بناء حزب الله في لبنان وتسليح سائر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية والعراق واليمن، ومن الممكن أن تحوّل نسبة ضئيلة من هذه العائدات لتحسين حياة المواطن الإيراني… والحجة الإيرانية؛ أنها تطور مفاعلات نووية لأغراض مدنية فقط من أجل إنتاج الطاقة، هي حجة سخيفة في ضوء الثروة الإيرانية من النفط والغاز، والأسخف من ذلك ادعاء القيادة الإيرانية أن استخدام السلاح النووي محظور في الفقه الشيعي. فهل تستطيع إسرائيل الاعتماد على هذه الحجج الدينية، في ضوء الدعوات الإيرانية المتكررة إلى محو (الكيان الصهيوني) عن الخارطة؟ ومن المهم الإشارة هنا إلى مبدأ “التقية” في الإسلام الشيعي، الذي يتيح عدم قول الحقيقة عند الخطر من أجل تضليل العدو، وبهدف البقاء. وهناك مَن يعتقد أن إيران ستحتفظ بالسلاح النووي من أجل غايات دفاعية فقط، وللتوازن النووي مع إسرائيل، وهذه الحجة تعتمد على نظرية (توازن الرعب)، التي لا ترى أي منطق في استخدام سلاح يوم القيامة الذي يؤذي كل الأطراف. وهذا المنطق يمكن أن يتناسب مع دولة كروسيا وكوريا الشمالية أو باكستان، لكن مع الأسف الشديد لا يتلاءم مع دولة شريعة يسيطر عليها رجال دين (متطرفون ذوو نظرة مسيانية)، يعلّمون الشباب فكرة عودة (المهدي المنتظَر)…”.

وخلص الكاتب للقول: “إن القضاء على التهديد النووي الذي يشكّل تهديداً وجودياً على دولة إسرائيل ليس مسألة سياسية؛ فلو لم يجرِ تدمير المفاعل النووي في العراق (1981) وفي سورية (2007)، لكان لدى الدولتين سلاح نووي. تخيلوا الآن نظاماً كالنظام الإيراني يملك سلاحاً كهذا؛ حينها ستصبح إيران محصنة في مواجهة أي هجوم، تماماً كما هو حال كوريا الشمالية، وستضطر إسرائيل إلى العيش تحت تهديد وجودي دائم. والآن وبعد الهجوم الصاورخي الإيراني، لدى إسرائيل فرصة تاريخية لضرب المفاعلات في إيران، ومن الممكن ألاّ تتكرر هذه الفرصة. هناك شرعية للهجوم، وأغلب الردع من لبنان زال، وهناك تفوّق واضح لسلاح الجو الإسرائيلي، وتوجد صواريخ تخرق التحصينات وشرعية أميركية للرد. هذه فرصة إذا ضيعناها، فسنندم عليها ندماً شديداً”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى