سقوط أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” في غزة. مقاوم يقضي على كتيبة النخبة “شمشون” في بيت حانون؟!
“العملية البطولية اليوم غير قابلة للتصديق، خصوصاً عندما تظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية بان كتيبه شمشون كلّها ما بين جريح وقتيل، وهي إحدى كتائب النخبة ضمن اللواء الأشرس على الإطلاق، وأنه اللواء الأكثر “تديناً”، ويضم كتيبة “نتسا يهودا كفير” الإجرامية وفق التصنيف الأمريكي. ولعل إسقاط كتيبة نخبة وقائدها بهذا الشكل، وبهذا الصمود، وفي منطقة بيت حانون وهي منطقة دقيقة للغاية على حدود “الكيان”، وبواسطة مقاوم استشهادي جريح واحد.. هذا كله يكشف أننا أمام بطولات ملهمة فعلاً لكل أحرار العالم. وأن غزة رغم كل المآسي والرّكام ما زالت بعد 450 يوماً تقاتل قتالاً أسطورياً غير مسبوق في التاريخ”.
غزة لا تزال تقاوم.. وفي بيت حنون رمز التحدي، حيث تم الاعتراف بسقوط قائد كتيبة شمشون كأكبر دليل على أننا لا نتحدث عن مقاومة إستثنائية أو أسطورية، بل من خارج تقديرات إسرائيل على الإطلاق. فكيف حدث ما حدث في بيت حانون؟ وبماذا أجابت قيادة الجيش الذي لا يُقهر في تحقيقاتها لقلب الحقائق؟
رواية المقاومين ذكرت أن مقاوماً إستشهادياً دخل مباشرة إلى سيارة قيادة عسكرية وبعدها فجر نفسه. فيما يعترف الإسرائيلي بأن هذا الشهيد قاوم وبعدها استشهد، حيث أظهرت التحقيقات الأوليتان كتيبة “شمشون” أهم كتيبة في لواء “كفير” من قوات النخبة دخلت حوالي 200 متر غرب بيت حانون، ووصلت إلى منطقة ملغمة، وأن جنديا سار على خيط الكمين وبعدها تفجر، مما أسفر عن وقوع ثلاثة قتلى وأربعة جرحى.. ويستغرب المحققون لماذا لم يُستخدم بلدوزر أو آليه مضادة للدروع لتحييد هذه الألغام؟
بعدها تتوالى الاعترافات بتفاصيل ما حدث، حيث تبرر القناة 13عدم استخدام الآليات المضادة للمتفجرات قبل تقدم القوات الراجلة، كون المنطقة تعرضت لعملية مسح شامل بالمقاتلات الحربية وبمدفعية اللواء 215، حيث تمت عملية تسوية نارية بالكامل لها مسبقاً، وإسقاط كامل البنايات في المنطقة قبل التقدم فيها، وهو ما خلق إشكالات كبيرة أمام تحقيقات الجيش، وطرح تساؤلات محيّرة كيف استطاع جريح أن يقتل ويجرح إلى حدود سبعة بين قتيل وجريح جروحاً خطرة فيما هناك ست عسكريين بجروح متوسطة؟ هل استطاع واحد أن يقود هذه العملية وهو جريح واستطاع أن يسحب صاعق الكمين وأن يدمر بلغم كل كتيبة شمشون بمن فيهم قائدها، هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه كإحدى أهم معجزات غزة التي لا يمكن بأي حال أن يستوعبها العقل الإسرائيلي؟
الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي برر ما جرى بأن هناك تسوية للمنطقة نارياً بالمقاتلات وبالمدفعية، بعدها توجه هؤلاء الذين نكتشف ضمنهم جنرال، جنرال احتياط وكل هذا للتأكيد أن قوات “كفير” تستخدم الاحتياط ضمن أهم ألويتها، وأن كتيبة “شمشون” الآن لم تعد شمشون بكامل طاقمها المحترف، بل اليوم هناك في شمشون خليط من الاحتياط ومن الرسميين، وهذه أزمة حقيقية بالنسبة للجيش الإسرائيلي معترف بها. وللإشارة هنا يتحدث الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي عن توقف مهامه في بيت لاهيا ونقله إلى بيت حانون إلى غرب بيت حانون.
تشترك الروايتان الفلسطينية والإسرائيلية بأن هناك تقدم مباشر في 200 متر غرب بيت حنون، وفي منطقة تعتبر الأقصى على الحدود مع “إسرائيل”، وهناك هذا الاشتباك بلغم وبشخص واحد. إذا هذا المقاوم قاوم وبعدها استطاع تفجير لغم وذهب جراء هذا التفجير كل كتيبة، واحد بكتيبة إسرائيلية. لكن هذه المعادلة التي يسعى الإسرائيلي إلى طمسها. ففي حين تتحدث رواية المقاومة عن اشتباك، بعدها مباشرة دخل هذا الجريح الاستشهادي إلى قلب الناقلة، وفجًر نفسه في هذه المجموعة. نجد أن الرواية الإسرائيلية تؤكد على أن هذا المقاوم جرح جروحا قاتلة، وبعدها استطاع أن يسحب صاعق الكمين ليسقط وتسقط معه كل الكتيبة بما فيها قائدها.
لكن ما هو واضح أننا أمام عمليات نوعية تقودها المقاومة الفلسطينية في غزة، وهذه واحدة منها. حيث أعلنت المقاومة عن سلسلة عمليات نوعية استهدفت قوات الاحتلال في مناطق شمالي قطاع غزة، تمكنت خلالها من تحرير مواطنيْن فلسطينييْن كانت هذه القوات قد احتجزتهما في بيت لاهيا. كما نفذت طعن وقتل ثلاثة جنود في مهمة حماية مبنى تحصنت به قوة إسرائيلية، ومن ثم جرى الإقتحام والإجهاز على القوة من مسافة صفر واغتنام أسلحتهم. وكذلك استهداف ناقلة جنود وريبوت ودبابة ميركافا بقذائف اليا سين 105 وإسقاط طائرة مسيرة من نوع “كواد كابت” في منطقة المخيم الجديد شمال مخيم نصيرات وسط القطاع، بالإضافة إلى تدمير ميركافا بعبوة أرضية ذاتية التفجير في المنطقة نفسها. أما في مفترق توأم شمال مدينة غزة المدينة، فقد تمكنت المقاومة من استهداف قوة إسرائيلية، كما دكت تجمعاً عسكرياً، واستهدفت دبابة بعبوة شواظ، وفي داخل أحد المنازل قرب مفترق أبو شرغ غرب جباليا البلد شمال غزة تمكنت من استهداف قوة إسرائيلية بقذيفة تي بي جي. فضلاً عن قصف آليات الاحتلال في موقع المبحوح شرق مخيم جباليا شمال القطاع بقذائف الهاون 60، وضرب تموضع وتحشّد القوات في محور نتساريم بصواريخ 107، ضمن عمليات مشتركة لفصائل المقاومة.
وهنا يبدو واضحاً جداً في بيانات أبو عبيدة، وعلى تليجرام على وجه التحديد، بأن هناك بطولات حقيقية في شمال غزة، وهذا نموذج ملهم لكل أحرار العالم. وهذا لا يخفى على أحد أمام حالة الإبادة والتطهير العرقي في الشمال والتي تستهدف الأبرياء للتغطية على هذه المآسي والفضائح للجيش الإسرائيلي. كل هذا يكشف إلى أبعد مدى أن الأمر يتعلق بما سماه أبو عبيدة تماماً ببطولات ملهمة. ولعل هذه العملية البطولية اليوم غير قابلة للتصديق، خصوصاً عندما تظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية بان كتيبه شمشون كلّها ما بين جريح وقتيل، وهي إحدى كتائب النخبة ضمن اللواء الأشرس على الإطلاق، وأنه اللواء الأكثر “تديناً”، ويضم كتيبة “نتسا يهودا كفير” الإجرامية وفق التصنيف الأمريكي. ولعل إسقاط كتيبة نخبة وقائدها بهذا الشكل، وبهذا الصمود، وفي منطقة بيت حانون وهي منطقة دقيقة للغاية على حدود “الكيان”، وبواسطة مقاوم استشهادي جريح واحد.. هذا كله يكشف أننا أمام بطولات ملهمة فعلاً لكل أحرار العالم. وأن غزة رغم كل المآسي والرّكام ما زالت بعد 450 يوماً تقاتل قتالاً أسطورياً غير مسبوق في التاريخ.