عيوب الولادة في الحروب
“أكد الأطباء الأجانب الذين شاركوا في إسعاف الجرحى خلال حرب لبنان الثانية، وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أن هناك تشابها في طبيعة الإصابات في الحربين. وقال البرفيسور كريس باسبي، أمين اللجنة الأوروبية لمخاطر الإشعاع النووي، إنه في أعقاب فحص بيئة الحرب تبين له أن إسرائيل استخدمت اليورانيوم المخصب في عمليات القصف، مشددا على أن الفلسطينيين سيستنشقون اليورانيوم لوقت طويل، مشيرا إلى أن التعرض لإشعاعات اليورانيوم تنتج عنه تشوهات وراثية تؤدي إلى ولادة أطفال مشوهين، مع وجود خطر أيضا بأن يصاب الطفل بالسرطان. في مدينة الفلوجة، التي تعرضت لهجوم من القوات الأميركية في عام 2004، إذ كشفت دراسة نشرت في عام 2010، عن ارتفاع نسبة وفيات الرضع والسرطان لدى الأطفال، واختلال نسبة الذكور إلى الإناث في المواليد، وهو أمر يشير بقوة إلى وجود طفرات ومشاكل في الجينات.“
لا تكتفي الحرب بقتل أو تشويه الأحياء، بل يمتد أثرها إلى الأجنة، وهم في بطون أمهاتهم، فتقتلهم قبل أن يبصروا النور، أو تصيبهم بعاهات وتشوهات منكرة. ومع أن الانطباع الأول عن تشوهات الولادة المرتبطة بالحرب أنها ناتجة عن الأسلحة، إلا أن ذلك جزء فقط، فالأمر يشمل نقص العلاج، وانتشار الأمراض، وعدم وجود رعاية صحية ملائمة للحوامل، مما يرفع مخاطر ولادة طفل يعاني من تشوهات خلقية.
الأسباب المرتبطة بالحروب
الإشعاع: والذي قد ينجم عن التفجير النووي، كما حدث في مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945، أو ينجم عن الذخيرة الإشعاعية الموجود في الذخائر، مثل اليورانيوم المنضّب، وهو اليورانيوم المتبقي بعد عملية التخصيب، ويستعمل في صناعة الدروع العسكرية والذخائر، إذ يزيد من قدرة المقذوفات على الاختراق، وقد استعملت هذه الذخائر في اجتياح مدينة الفلوجة العراقية عام 2004.
ومع أن الناجين من المحرقة النووية في هيروشيما وناغازاكي سجلوا معدلات أعلى من السرطان وخاصة اللوكيميا، فإن الباحثين لم يسجلوا زيادة في تشوهات المواليد لدى هؤلاء الناجين. ولكن هذا الأمر مختلف في مدينة الفلوجة، التي تعرضت لهجوم من القوات الأميركية في عام 2004، إذ كشفت دراسة نشرت في عام 2010، عن ارتفاع نسبة وفيات الرضع والسرطان لدى الأطفال، كما كشفت عن اختلال نسبة الذكور إلى الإناث في المواليد، وهو أمر قالت إنه يشير بقوة إلى وجود طفرات ومشاكل في الجينات. وتشير معطيات إلى أن التعرض لليورانيوم يرتبط بحدوث طفرات في الجينات في المادة الوراثية، وضرر على الحمض النووي، وحدوث تغيرات في الكروموسومات، وحصول تغيرات سرطانية في الخلايا.
نقص حمض الفوليك: يؤدي عدم حصول المرأة التي ترغب بالحمل على مقدار ملائم من حمض الفوليك إلى زيادة مخاطر إنجاب طفل يعاني من تشوهات الأنبوب العصبي، مثل حدوث فتحة في العمود الفقري.
وتوصي المؤسسات الطبية الأم التي تريد الحمل والحامل بتناول 400 مايكروغرام من حمض الفوليك يومياً، أما أثناء الحرب فسيكون من الصعب للغاية توفير حمض الفوليك للنساء، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات تشوهات الأنبوب العصبي في المواليد.
العدوى: يؤدي نقص الرعاية الصحية أثناء الحرب إلى زيادة احتمالات إصابة الحامل بالعدوى، ويفاقمه عدم توفر العلاج. ومن الأمثلة على العدوى المرتبطة بعيوب الولادة:
- الإصابة بـ “سايتوميغالوفايروس”، وهو فيروس.
- داء المقوسات، وهي عدوى طفيلية تنتقل عن طريق براز القطط واللحم النيئ والماء والطعام الملوثين.
- الحصبة الألمانية.
سرطان الدم والمخلفات النووية: العديد من المختصين والخبراء أكدوا أن مرض سرطان الدم يعتبر أحد الأمراض الذي قد يصاب الإنسان بها نتيجة المخلفات النووية والكيماوية السامة والخطيرة، التي يتم دفنها في بعض المناطق الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، منوهين، إلى أن السبب في الإصابة بسرطان الدم يعود إلى تلوث مياه الشرب، وإلى دفن مخلفات من المواد المشعة، التي تلوث الماء والهواء والتربة، كما تؤدي إلى إلحاق الأذى بالأجنة، مما يؤدي إلى ولادتهم دون أيد، ومنهم من يولد بتشوهات في وجهه وجسمه.
وعبرت المؤسسات الصحية عن قلقلها من جراء مواصلة سلطات الاحتلال انتهاكها للبيئة الفلسطينية ومكوناتها في قطاع غزة، وإصرارها على إلحاق الأذى الصحي والبيئي بالمواطنين والبيئة على حد سواء. وذكرت المصادر الطبية ذاتها أن سيدة فلسطينية من حي “الشعف” الواقع شرق مدينة غزة، الذي تعرض بشكل خاص للقصف باستخدام قذائف الفسفور الأبيض، وضعت مولودا غير مكتمل نمو القلب، في حين أن الأطباء أبلغوا إحدى السيدات الحوامل من شمال قطاع غزة أن جنينها يعاني من عدم اكتمال نمو القلب، حيث لا يشتمل قلبه على بطين أيسر، إلى جانب عدم مقدرة قلبه على ضخ الدم لبقية أجزاء الجسم بسبب انسداد الشريان الرئيسي.
يذكر أن الفسفور الأبيض عبارة عن مادة كيميائية ذات قوام دخاني تخترق الجلد وأنسجة الجسم والعظام، وتعمل على احتراقها وتحولها إلى مادة قابلة للاشتعال بمجرد أن يلامسها الأكسجين، في حين تميل جثث الأشخاص الذين يقتلون بسببها للسواد.
شهادات من قلب الحدث
أكدت المصادر الطبية أن سلاح “الدايم” عبارة عن قنابل من المعدن المكثف ذي الطبيعة الخاملة، إذ يتميز انفجار هذا النوع من القنابل بالشدة والقوة، ويؤدي إلى تمزيق الأشخاص الذين يوجدون في مدى القصف وتحويلهم إلى قطع متناثرة. وكان مادس غيلبيرت، رئيس الفريق الطبي النرويجي، الذي زار قطاع غزة خلال الحرب، وشارك في إسعاف الكثير من الجرحى، هو أول من ربط بين التشوهات التي أصابت القتلى والجرحى وبين استخدام إسرائيل لقذائف الدايم.
وأشار غيلبيرت في حينه إلى أن هذه القنابل تؤدي إلى إحداث ثقوب في الأوعية الدموية، وإصابات قاتلة لا ترى بالعين المجردة، فضلا عن أنها تتسبب في بتر الأطراف. وأكد الكثير من الأطباء الأجانب أن بعض الأسلحة استخدمت لأول مرة؛ إذ استغلت إسرائيل الحرب لتجريب هذه الأسلحة، مبرزين أن بعض هذه الأسلحة تتسبب في إصابة السكان المحليين بأمراض السرطان.
وأكد بعض الأطباء الأجانب الذين شاركوا في إسعاف الجرحى خلال حرب لبنان الثانية، وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أن هناك تشابها في طبيعة الإصابات في الحربين. وقال البرفيسور كريس باسبي، أمين اللجنة الأوروبية لمخاطر الإشعاع النووي، إنه في أعقاب فحص بيئة الحرب تبين له أن إسرائيل استخدمت اليورانيوم المخصب في عمليات القصف، مشددا على أن الفلسطينيين سيستنشقون اليورانيوم لوقت طويل، مشيرا إلى أن التعرض لإشعاعات اليورانيوم تنتج عنه تشوهات وراثية تؤدي إلى ولادة أطفال مشوهين، مع وجود خطر أيضا بأن يصاب الطفل بالسرطان.