خاص - ماتريوشكا نيوز

يوم الوفاء للقائد والشهيد

ماتريوشكا نيوز - بيروت

في مشهد تاريخي غير مسبوق، احتشدت مئات الآلاف من المعزّين في العاصمة بيروت، قادمة من كل أنحاء لبنان والدول العربية والغربية، لتشييع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين، في مراسم وُصفت بأنها الأعظم في تاريخ المقاومة. تحولت شوارع العاصمة إلى بحر بشري يهتف بالولاء للمقاومة، والإصرار على متابعة درب النضال التي سطر سيد المقاومة مسارها بخطاه، في تأكيد واضح على أن غياب القائد لن يضعف المسيرة، بل سيزيدها صلابة وثباتًا.

حشود ضخمة تهتف بالثبات على مبادئ الشهيد القائد

منذ ساعات الصباح الأولى، بدأت الحشود تتدفق من الجنوب والبقاع والشمال والضاحية الجنوبية إلى وسط بيروت. توحدت الأعلام الصفراء مع أعلام لبنان والدول المشاركة في التشييع، في مشهد استحضرت فيه الجماهير كل معاني التضحية والفداء. في الساحات والشوارع، ارتفعت صور السيد نصر الله بجوار صور الشهداء، وكأنها شعارات المجد تنشد السلام لأرواحهم والوفاء لذكراهم، بينما هتف المشيعون: “لبيك نصر الله”، “الموت لإسرائيل”، “إنا على العهد باقون” في رسالة واضحة بأن المقاومة مستمرة مهما بلغت التضحيات.

يوم الفقد العظيم

كان يوم استشهاد السيد حسن نصر الله، بتاريخ 27 سبتمبر 2024، يومًا مفصليًا في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني. ففي غارة جوية إسرائيلية غادرة وحاقدة محملة بـ 82 طنا من المتفجرات، استهدفت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية في الضاحية الجنوبية لبيروت، ارتقى أيقونة المقاومة الأمين العام لحزب الله، شهيدًا أمميّاً بعدما كرّس حياته كاملة لخدمة المقاومة. وبعد أسبوع واحد فقط، التحق به السيد هاشم صفي الدين إثر ضربة أخرى، لتتوالى بعدها عمليات المقاومة بردود مزلزلة ضد المواقع الإسرائيلية في الجليل المحتل.

ورغم مرور خمسة أشهر على استشهادهما، بقيت الجماهير تنتظر هذا اليوم لتعبّر عن حبها ووفائها للقائدين. لم يكن التشييع مجرد وداع، بل كان تأكيدًا على أن خط المقاومة سيبقى نابضًا بالحياة.

الطائرات الإسرائيلية تحلق.. والجموع المعزية ترد بالتحدي

لم يكن يوم التشييع عاديًا، فقد حاول العدو الصهيوني بث الرعب، حيث حلقت طائراته الحربية على ارتفاع منخفض جداً فوق بيروت تزامناً مع خروج نعش الشهيدين، لكن بدلاً من التراجع أو الخوف، ارتفعت الحناجر بالهتاف: “الموت لأمريكا”، “الموت لإسرائيل”، “لبيك يا نصرالله”.

إنه المشهد ذاته الذي عاشته المقاومة منذ عام 2006، حيث كانت تهديدات العدو تقابل دائمًا بإرادة أقوى، وبتصميم لا يتزعزع.

خطاب المقاومة: العهد المتجدد

في لحظة فارقة من التشييع، أطل الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، وتحدث بصوت متهدج من فرط التأثر بالمصاب الجلل ، قائلاً: “نحن اليوم نودّع قائداً لن يتكرر، ولكنه لم يتركنا وحدنا. لقد بنى مقاومةً قادرة، تعرف طريقها، وتمتلك كل وسائل الردع والمواجهة. دماء السيد نصر الله لن تذهب هدرًا، بل ستكون زلزالًا تحت أقدام العدو”.

وأضاف: “نقول للصهاينة: إذا ظننتم أنكم باغتيال السيد ستنهون المقاومة، فأنتم واهمون. إننا اليوم أقوى من أي وقت مضى، وسنكمل المسيرة حتى تحرير كل فلسطين”.

وأعلن الشيخ نعيم قاسم في خطابه أن المرحلة القادمة ستشهد تكثيف العمل المقاوم، وتطوير منظومة الردع، واستمرار التحالفات الإقليمية مع قوى المقاومة في إيران، العراق، سوريا، فلسطين، واليمن.

حضور دولي ورسائل دعم

رحيل شخصية مقاومة عالمية المقام كان لا بد أن تحظى بتشييع على مستوى الحدث، لهذا لم يكن التشييع حدثًا لبنانيًا فقط، بل حمل بُعدًا إقليميًا وعربيًا ودوليًا، حيث حضر ممثلون عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووفود رسمية من العراق، وممثل عن تنظيم البديل الثوري للتغيير في العراق المعارض للنظام، وفصائل المقاومة الفلسطينية، والدولة اليمنية. والآلاف من أحرار العالم من أقصى شرقها إلى أقصى غربها. وقد أكد الجميع في كلماتهم أن المحور المقاوم لم يُكسر ولن يُكسر طالما نبض المقاومة مازال إيقاعا يواكب الخطا التي تدك الأرض دكا، ودفق المقاومة يسري في عروق كل حر وشريف.
وفي تصريح خاص لوكالة أنباء “ماتريوشكا نيوز”، أعلن ممثل تنظيم البديل الثوري “إن الشهيد السيد نصرالله كان خير امتداد لشهيدنا الراحل الرئيس صدام حسين في مقارعة الإرهاب الصهيوني والإمبريالية العالمية وعلى رأسها أمريكا الشر، وابنتها اللقيطة إسرائيل”. وأضاف “إن الذي قام باغتيال الشهيدين هو نفس العدو المشترك، وبذات السلاح الذي اغتيل به السيد نصرالله دمروا العراق وقتلوا شعبه، والأحرار من شعبنا العراقي لا ينسون موقف السيد حسن نصرالله ورسالته التي وجهها في 7 شباط عام 2003 إلى المعارضة العراقية حينها، والتي هي الآن تحكم العراق وتجلس حاليا بالقرب مني، حين خاطبهم قائلا: لا تقفوا مع أمريكا في غزو بلدكم، بل اذهبوا إلى الرئيس صدام حسين وتحاوروا معه فأمريكا اذا احتلت بلدكم لن تخرج منه”.

وفي سؤالنا له: لماذا تعتبرون أن الشهيد السيد حسن نصرالله هو امتداد للراحل صدام حسين، أجاب قائلا: “كيف لا! أليس الشهيد صدام حسين هو أول من صعّد العمل لمحاربة إسرائيل بشتى الوسائل، ونظم وحدة الساحات ضد الكيان الصهيوني حين كان يدعم ويساند بالمال والسلاح والرجال كل تنظيمات وأحزاب المقاومة الفلسطينية واللبنانية منذ سبعينات القرن الماضي. أولم يكن الشهيد صدام حسين فاتح طريق قصف تل أبيب؟”

كما صدرت العديد من بيانات التعزية الرسمية من إيران والقوى الثورية في سوريا وفلسطين والعراق، بيانات أشادت بدور السيد الشهيد حسن نصر الله في تأسيس استراتيجية المقاومة الإقليمية، ومواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي.

المشهد الأخير: وداع يليق بالقائد

في مشهد مليء بالدموع والحزن، أطل الشهيدين رمزيا على المشود من خلال ضوافهما في نعشيهما الطاهرين فوق شاحنة مخصصة لتجول بين المعزين في لقاء أخير قبل أن تنطلق مسيرة التشييع إلى مكان الدفن بالقرب من طريق المطار.
ليس هذا يوم نهاية، بل هو يوم عهد جديد. لقد ظن الصهاينة أنهم باغتيال السيد حسن نصر الله قد كسروا إرادة المقاومة، لكن الرد جاء واضحًا: “نم مطمئنًا، يا سيد المقاومة، فكلنا مشاريع شهادة، وكلنا مقاومة”.

إنه يوم مشهود في تاريخ المقاومة، يوم أظهر فيه الناس أن المقاومة ليست شخصًا، بل عقيدةٌ وحركةٌ تتجدد مع كل شهيد.

وفي الختام، رسالة مكثفة كبرقية تحد للعدو :
لقد اغتلتم القائد، لكن المقاومة اليوم أقوى من أي وقت مضى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى