من المفارقات السياسية الكبرى أن يغدو رئيس دولة كبرى وتعتبر نفسها أعظم وأقوى دولة في العالم أن يغدو مجالا للتندر والسخرية، وليس نتيجة خطأ عارض وقع فيه بل نتيجة أخطاء تتكرر، وخاصة في زلات اللسان التي تدل على وجود بوادر خرف حقيقي.
زلة اللسان الأخيرة من شأنها أن تشعل شبكات التواصل الاجتماعي داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، فقد أعلن الرئيس جو بايدن أنه “فخور لأنه أول امرأة سوداء، تعمل مع رئيس أسود”
لم يركِّب أحد هذه العبارة، بل نطق بها الرئيس الأمريكي إبان الاحتفال بعيد الاستقلال، والواضح أن الأمر اختلط عليه بين ذكر نفسه وذكر نائبته كامالا هاريس، فقد افتخر بأنه أول نائب رئيس وأول امرأة سوداء!!! وبهذا الشكل يستنتج العارفون بشؤون الأوضاع الصحية للرئيس الأمريكي أنه بدأ يضيع حتى التسلسل الزمني، وبات يخلط بين الماضي والحاضر.
وبدت عليه إمارات التعب والتشتت في حالات عديدة كأن يشرد أو يمد يده للمصافحة في غير محلها، أو يتحرك بعيدا عن تجمع الرؤساء في المحافل الدولية حتى يضطر أحد القادة لإرجاعه، أو ذكر أسماء دول مكان أخرى، أو إشادته بتشيكوسلوفاكيا التي لم تعد موجودة منذ ثلاثين عاما ونيف، ومن أشهر زلاته وتشتته أن مساعديه كتبوا له ضمن كلمة الخطاب بين قوسين كلمة “وقفة” كإرشاد له بأن يصمت قليلا، فقرأها كما هي وقفة، لتبدو نشازا في سياق الخطاب. فتنبه الجمهور وعلت موجة من الضحك شاركهم بها بايدن نفسه!
ووصل به الأمر ذات حين أنه تحدث عن لقاء أجراه مع الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران بدل أن يقول إيمانويل ماكرون، في حين أن ميتران توفي قبل 28 سنة، وفي إحدى زلاته ذكر العراق بدل أوكرانيا، حين أوضح أن العراق اضطر للانتظار طويلا للحصول على المساعدة الأمريكية، المساعدة في الحقيقة لأوكرانيا، والتي عطلها لعدة شهور البرلمان الأمريكي نفسه.
وكانت مناظرته مع ترامب باعتراف الديمقراطيين أنفسهم فاشلة لم تخل من تشتت، حتى أن ترامب قال في حين طلب منه أن يعلق على بعض أقوال بايدن أنه لم يفهم ما قاله بايدن وربما بايدن نفسه لا يفهم ماقال.
ومع ذلك يطمح لخوض انتخابات ليفوز بجولة رئاسية جديدة، وللطموح فنون، وبعض الفنون جنون!