استقالة بن غفير.. وزلزال في إسرائيل لتمسك نتنياهو بسموتريش لتمرير خسارة 70مليار دولار
“استقالة وزير الأمن القومي سقوطاً لركيزة من ركائز الصهيونية المتدينة، وهو ما اعتبر انتصاراً لأهم هدف في “طوفان الأقصى” لأن بمجرد إبعاد بن غفير، هذا يعني اوتوماتيكياً أننا نتحدث عن معركة لطوفان الأقصى أهم عناوينها الأقصى“. سموتريتش لابد أن يبقى في الحكومة للعب بالأرقام. هذا هو السبب في تشبث نتنياهو به أمام هذه الخسائر الاقتصادية، فهو صاحب الأرقام المزيفة لخسائر إسرائيل. هذا الصراع حطم قلب بلينكن الذي كان إلى جانب نتنياهو، فكيف بحال قلوب المسلمين والعرب، وهذا كله يكشف أننا أمام مرحلة أخرى يتأكد معها، أن هذه الإبادة سيبقى أثرها لأجيال إلى حين إنصاف الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في الوطن الفلسطيني، وفي الدولة الفلسطينية”.
بن غفير يقدم استقالته، وزير الأمن القومي، وأهم متعصب متطرف في حكومة إسرائيل، وبعد الذي جرى أساسا في العلاقة الثنائية بين الليكود وما بين حزبه من جهة، وما بين موقعه انطلاقا من ميزانية الشرطة وما وقع حولها من خلاف دفع إلى نقل نتنياهو من المستشفى فور إجراء عملية له ضد سرطان البروستات، ونقله مباشرة إلى جلسة تصويت البرلمان “الكنيست” من أجل صوته، حيث كان هذا أمراً بارزاً في علاقة أصبحت صعبة ما بين الرجلين. فواضح أن بن غفير أراد أن يغادر هذا المركب من الآن، وقبيل أيضاً هذا الإتفاق الذي اعتبر أنه اتفاق ناتج عن سوء تقدير تجاه إدارة ترامب. هذا هو الأمر الرئيس لأن بن غفير كان يعتقد بأن ترامب لديه أساسا موقفاً مطابقاً، إن لم يكن متجاوزاً لموقفه تجاه هذا الصراع. لكن الصدمة الأساسية لبن غفير عندما ظهر له ترامب بطريقة مختلفة. فجاءت استقالة وزير الأمن القومي سقوطاً لركيزة من ركائز الصهيونية المتدينة، وهو ما اعتبر انتصاراً لأهم هدف في “طوفان الأقصى” لأن بمجرد إبعاد بن غفير، هذا يعني اوتوماتيكياً أننا نتحدث عن معركة لطوفان الأقصى أهم عناوينها “الأقصى”، وأول وزير تجاوز كل الأعراف وحاول أن يكرس تقسيم المكان في المسجد الأقصى كان عنوانه بن غفير. ومجرد استقالتة تعني هزيمة إضافية لإسرائيل لأن “طوفان الأقصى” باستقالة بن غفير حقق نجاحاً سياسياً باهراُ، وهذه أول رسالة أساسية نقلتها “إسرائيل اليوم”.
هنا لابد أن نذكّر أن على نتنياهو وسموتريتش أن يوقعا على الاستقالة، حيث يريد نتنياهو أن يكون إلى جانبه سموتريش وزير المالية لسبب رئيس؟ لأنه أولاً يقود مشروع الضفة، وهذه مسألة أساسية، فضمّه الضفة كما يرغب في انجازها اليمين المتدين المتطرف. والذي يخسر في واقع الأمر هذا التحالف الإيديولوجي مع الليكود، كما أن نتنياهو لا يستطيع بدون سموتريتش أن يغطي على خسائر الحرب، وهو يحتاج لوزير المالية مواصلة المناورة بالأرقام في وزارة المالية لتمرير هذه الحرب. رغم أنه سيكون واضحاً جداً ما هي الخسائر الاقتصادية بعد اتفاق وقف اطلاق النار، وهنا كان واضحاً جداً بعد 15 شهراً، وبعد استشهاد وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ومع اقتراب موعد بدء تنفيذ الاتفاق في التاسع عشر من يناير كانون الثاني الجاري، تتركز كل الأنظار على الخسائر الاقتصادية التي لا يجب أن تكون أرقام الخسائر المعلنة من إسرائيل إلا بموافقة من سموتريتش، ولا بد من التغطية على الأرقام الحقيقية. وهنا يتأكد من الصحيفة التي تنشر أرقام الخسائر التي تخفيها تل أبيب بأن هناك تشكيك واسع في هذه الأرقام، إذ شككت الصحيفة خلال الأسبوع الحالي ما سمي وصول العجز المالي إلى 6.9 من الناتج المحلي للإجمالي عام 2024، أي حوالي 136 مليار شيكل36.1 مليار دولار، في حين العجز الحقيقي هو 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي أي حوالي142 مليار شكل، بمحاولة إخفاء 6 مليارات شيكل، أي ما يصل الآن إلى حوالي 1.6 مليار دولار. وعلى العموم فإن كلا من نتنياهو و سموتريتش احتفوا برقم دون 7% مع مواصلة الحرب, فيما يعاني الاسرائيليون من ارتفاع تكاليف المعيشة وتباطئ الاقتصاد والنمو على حد سواء، خصوصاً أمام مراجعات دقيقة يمكن إجمالها كالتالي:67.6 مليار دولار تكلفة إجمالية للحرب، 34 مليار دولار تكاليف مباشرة للحرب، 644 مليون دولار خسائر يومية بقطاع البناء، هناك 60,000 شركة أغلقت أنشطة عام 2024، 37.7 مليار دولار عجز حقيقي في موازنة 2024، 70% من قطاع السياح تضرر، و 65% من الاسرائيليين تضرروا مالياً، فيما 25% منالإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر، أي كل واحد من أربعة إسرائيليين فقير، 50% من مواقع البناء أغلقت بسبب نقص الأيدي العاملة، و74 مليار دولار ميزانية دفاع إضافية مطلوبة في 10 سنوات، كل هذا يكشف أننا أمام أولاً نظرة شهرية على تطور العجز في كانون الثاني بلغ العجز 4.5 ليصل إلى 4.8 بعد شهر، وفي مارس 5.2 ، وفي نيسان، 5.7، 6.1 بعدها مباشرة 6.6 في حزيران. وليصل في يوليو/تموز القادم عجز ميزانية إسرائيل إلى 7% مباشرة فيما أغسطس ب7.5، 8.5 في سبتمبر.. وبذلك أصبح الحديث عن حوالي نقطة في كل شهر، وهنا تصاعد الحرب في غزة ولبنان مع انفاق بلغ 103.4 مليار شكل 28 مليار دولار، وعندما أصبحت الحرب في غزة ولبنان تباعا وصل الوضع إلى مأساة حقيقية 28 مليار دولار، انعكست على كافة مناحي الحياة، فتبعاً واستنادا إلى بيانات حكومية فقد أغلقت نحو60 ألف شركة ومشروع صغير ومتوسط أبوابه عام 2024 بزيادة 50% عن السنوات السابقة، وأن الشركات السياحية على وجه التحديد أفلست، فيما توقعت شركة المعلومات التجارية “كوفس بي دي أي” في تقرير لها أن تغلق 60 ألف شركة عام 2024 . ويتأكد من ذلك أن لا قطاع في الإقتصاد محصن ضد تداعيات الحرب المستمرة، لأن الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاء القتال، والتحديات المستمرة مثل نقص الموظفين وانخفاض الطلب وتزايد الاحتياجات، ونقص التمويل وزيادة تكاليف المشتريات، والمشكلات اللوجستية.. كل هذا سبب صعوبة كبيرة بلغت في قطاع البناء إلى خسائر أسبوعية في حدود 644 مليون دولار، أيضاً بلغت مدة التأخير المتوقعة في تسليمات الشقق إلى 36 شهراً، وبلغ النقص في العمالة إلى حدود 140 ألف عامل وهذه أرقام أكدتها بلومبرج. فقبل اندلاع الحرب على قطاع غزة كان ثلث العمال في مواقع البناء الإسرائيلية من الفلسطينيين، لكن حكومة نتنياهو منعت نحو 150 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية من دخول إسرائيل، وهذا هو الأساس في العجز، كذلك نقلت أسيوشيتدبريس في أكتوبر تشرين الأول الماضي عن خبراء اقتصاد قولهم، أن إسرائيل بدأت تعاني من انخفاض كبير في الاستثمارات الأجنبية. وهذا كله يؤكد أن سموتريتش لابد أن يبقى في هذه الحكومة للعب بالأرقام. هذا هو السبب في تشبث نتنياهو به أمام هذه الخسائر الاقتصادية، فهو صاحب الأرقام المزيفة لخسائر إسرائيل، وما بين سموتريتش كرجل اليمين الذي يجب أن يستمر في هذه الحكومة لاستمرار الصهيونية الدينية كل هذا يضع اسرائيل على شفا انهيار الحكومة الحالية بعد استقالة بن غفير. وهو ما دفع بلينكن اليهودي الصهيوني في آخر خطاب له، وفي لهجة حادة غير مسبوقة تجاه إسرائيل، وهو ما اعتبر تحولاً كبيراً في اللغة الحذرة التقليدية المستخدمة في الدبلوماسية الأمريكية، وهو الذي أخفى وساعد وساهم في الإبادة الجماعية. فقد ورد في إحدى مقالات الراي نشرته واشنطن بوست أن بلينكن استخدم لغة اعتاد أن يكتمها، حيث انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب أفعاله التي قال أنها قوضت جهود السلام وعرقلتها لأكثر من سنة، كذلك سلط الضوء على ما تقوم به إسرائيل من أضعاف منهجي للسلطة الوطنية الفلسطينية البديل الوحيد الممكن لحركة حماس، ولفت الكاتب إلى أن بلينكن ندد بحده بالسياسات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية، مشيراً إلى تسارع غير مسبوق في التوسع الاستيطاني، وهنا كانت لهجة بلينكن صريحة على غير العادة لمغادرة موقع المسؤولية و طالما كانت القضية الاسرائيلية الفلسطينية عبئاً على عاتق وزراء الخارجية الأمريكيين وسبق لمارتن أندكس السفير الأمريكي السابق لدى اسرائيل الذي توفي في تموز الماضي أن اعترف ذات مرة بأن الصراع حطم قلبه، وربما هذا هو الحاصل بلغة الكاتب مع بلينكن أيضاً، إذ تحطيم القلوب هو الأمر البارز. هذا الصراع حطم قلب بلينكن الذي كان إلى جانب نتنياهو، فكيف بحال قلوب المسلمين والعرب، وهذا كله يكشف أننا أمام مرحلة أخرى يتأكد معها، أن هذه الإبادة سيبقى أثرها لأجيال إلى حين إنصاف الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في الوطن الفلسطيني، وفي الدولة الفلسطينية.