
خفايا مجازر البيجر والاغتيالات يكشفها الصحافي “بن كاسبيت”: تسريبات خطيرة جداً لرئيس الأركان الإسرائيلي
“بعد أربعة أيام من السابع من اكتوبر وضعتُ خطة عملياته عاجلة تبدأ بالاغتيال الفوري لحسن نصر الله وكل قادة حماس في الخارج وتفجير البيجر واللاسلكي، لكن نتنياهو رفض واشترط الوصول إلى خان يونس والمخيمات الوسطى في غزة قبل أن يقر الخطوة، كذلك الوصول إلى رفح. نتنياهو يجد نفسه في دور البغل الكسول والعنيد الذي يحتاج إلى التحفيز للهجوم في نهاية السنة. كاتس كان يُهينني. الولايات المتحدة الأمريكية عارضت الدخول إلى رفح وعملية البيجر واغتيال حسن نصر الله إلى أن تأكد قبولها فتم التنفيذ. ما كان يفكر فيه الأمريكي أخطر بكثير مما فكر فيه الجيش الإسرائيلي، والأمريكي هو الذي أراد بشكل واضح جداً أن يدير العملية بهذه الطريقة. الحرب التي قادها الإسرائيليون قادوها أمريكياً، باستراتيجية أمريكية بالكامل، ولم يكن فيها الجيش الاسرائيلي إلا مُسخّراً”. حرب الإبادة الجماعية قام بها الأمريكي بقرار سياسي، وهو ما كشفته التسريبات”.
نتنياهو ينتقد تسريبات رئيس الأركان، مكتب الوزير الأول تحرك للرد على تسريبات بن كاسبيت والتي نقل فيها عن رئيس الأركان المستقيل حديثه من وراء أبواب الغرف المغلقة تصريحات خطرة. وذلك بعد أن أهين إهانات فظيعة من مختلف من أرسلوا إليه لتحويل حياته إلى حياة يائسة، أهمها عدم تحرك الجيش بحرية، وتحويل إنجازات الجيش إلى إنجازات السلك السياسي، أو الحاكمين الحزبيين.
“لعقود في البذلة العسكرية وشهور طويلة من الحرب، لم تكن الشجاعة لتحويل الجيش إلى جسم واحد، وفي نفس الوقت أن يكون مستعداً لملاقات العدو في أي لحظة وعلى جميع الجبهات” يقول هليفي في المناقشات الخاصة التي ضمت متعاونين وأبناء الجيش القريبين منه من الذين في الخدمة، أو الذين تقاعدوا. هليفي كان متأكداً أنه سيربح لكنه يخسر، لأنه يدرك أن الوزير الأول متردد ويتردد، حيث يحتاج دائماً إلى دافع وتحديداً من الخارج، من أجل العمل في غزة. ويتابع قائلاً: “بعد أربعة أيام من السابع من اكتوبر وضعتُ خطة عملياته عاجلة تبدأ بالاغتيال الفوري لحسن نصر الله وكل قادة حماس في الخارج وتفجير البيجر واللاسلكي، لكن نتنياهو رفض واشترط الوصول إلى خان يونس والمخيمات الوسطى في غزة قبل أن يقر الخطوة، كذلك الوصول إلى رفح”. وقال رئيس الأركان: “كانت مخططات إيران أكثر شجاعة منا. يقول متعجباً كيف لا يستحون، العار عليهم، يتوقف ويتردد ويفشل وهكذا. يجد نفسه في دور البغل الكسول والعنيد الذي يحتاج إلى التحفيز للهجوم في نهاية السنة”. وبعد تعيين كاتس وزيراً للدفاع زادت الضربات ضد هليفي لقد زادت طبقة كاملة، طبق عن طبق، “كاتس كان يُهينني مرة في اليوم”. وقد رد مكتب نتنياهو بأنه “حض على تغيير وجه الشرق الأوسط وأن الولايات المتحدة الأمريكية عارضت في حينه الدخول إلى رفح وعملية البيجر واغتيال حسن نصر الله إلى أن تأكد قبولها فتم التنفيذ”.
قد يكون إشكال حقيقي لتصوير الوزير الأول بغلاً، هذا كان صعباً جداً على نتنياهو فرد مباشرة، وقال في بيانه: “أن الأمر لم يكن سهلاً وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي مَن عارضت البيجر، وأيضاً اغتيال حسن نصر الله منذ اليوم الرابع من السابع من أكتوبر”. أي أن الذي رفض في واقع الأمر الولايات المتحدة الأمريكية، لكن وبعد أن رفض حسن نصر الله ما اقترحه الأمريكيون عبر هوكشتاين على أساس فصل الجبهات وكل المطالب التي نقلت، كان القرار بإنفاذ حكم الاعدام في حسن نصر الله، هكذا يمكن تصور الوضع بشكل يضعنا ما بين هليفي في روايته وما بين نتنياهو. إذن نتنياهو كان استيطانياً، كان لا يرغب في الانتصار في الحرب، كان يريد أن يصل إلى خان يونس أن يستولي عليها، وأيضا إلى رفح. كان هذا همه الأساسي، المهم الوصول إلى هذه المناطق، وأن يصل بالجيش ويحرث غزة من الشمال إلى الجنوب. هذا كان أمراً واضحاً، محاولة وضع هذا الحزام حول غزة من جيش الاحتلال كان هذا أمراً بارزاً لإيجاد منطقة عازلة.
هليفي كان يريد أن يضرب بما لديه، وهذا هو الانفعال الذي رفضه نتنياهو، وأن يكون الرد ليس على صعيد العمليات العسكرية بل عبر العمليات الأمنية. وهذا ما كان يريده الجيش وأيضا المخابرات والموساد.. كانت الضربة في السابع من أكتوبر ضربة على أساس فشل استخباري كان من الضروري على إسرائيل أن ترد أيضاً بضربة أمنية تؤكد فيها أنها الأقوى استخبارياً باغتيال حسن نصر الله وقادة حماس أولهم هنية. كان يريد هليفي خسرنا المعركة الاستخبارية في السابع من أكتوبر في يوم الحادي عشر منه سيكون الرد الإسرائيلي وبطريقة استخبارية تزلزل كيان حماس وحزب الله، وهكذا كان يمكن أن تزيل وتشطب القادة بالجملة هنية وحسن نصر الله، ويتوقف الأمر عند ذلك لأن هذا رد إسرائيل.
لكن ما كان يفكر فيه الأمريكي أخطر بكثير مما فكر فيه الجيش الإسرائيلي، والأمريكي هو الذي أراد بشكل واضح جداً أن يدير العملية بهذه الطريقة التي لا يريد فيها حرباً شاملة تحت هذه الدعوة وفي نفس الوقت أن تمارس إسرائيل حرث غزة بكاملها من أجل إنهاء الدولة المسلحة أو خيار الدولة المسلحة الفلسطينية. وهذا ما كشفه منذ اليوم الأول، الرئيس المصري باقتراحه “الدولة غير المسلحة”، وهذه الجملة عكست الاتفاق عند الإقليم عموماً، قادة الإقليم ودولياً وأمريكياً، وبالتالي عند نتنياهو، وبقي الجيش على حاله ليتم تصريف هذه الأهداف حسب التطورات. إذا لدينا هذا المستجد بالنسبة للدولة الفلسطينية غير المسلحة، والتي انتهت بعدم تسليح سورية أيضاً، فأصبح الوضع إرباك حقيقي بأن يكون الخيار هو تجريد حزب الله من السلاح بتدمير سلاحه وبنياته، وليس بقتل قادته فقط، وكذلك الأمر بالنسبة لحماس. وفي سوريا أيضاً جاء هذا التأطير الشديد الأهمية بالنسبة لإسقاط بشار الأسد، واقحام رئيس القاعدة سابقاً من أجل تبرير قصف كل ما يتعلق بالسلاح الروسي في سوريا، وهذا كله من أجل تطويق إسرائيل مرة أخرى بكيانات غير مسلحة، أو بتسليح ضعيف كما في حالة الجيش اللبناني والجيش السوري الذي انتهى، وأيضا بالنسبة للأردن، حيث اتفاقية أمريكية أردنية وكذلك كامب ديفيد مع مصر، وبالتالي التحكم في مسارات كل هذه الحدود حول إسرائيل.
هذا هو التطور الاستثنائي الذي لوحظ فيما نُقل عن هليفي من تسريبات، بأن نتنياهو ضغط سياسياً على الجيش، والجيش رفض أي رقابة، وهذا كان هاماً جداً. وبالنسبة لنتنياهو كان بارزاً جداً هذا التطور الرئيسي الذي تقدم به لكي يكون الوضع هو “تغيير الشرق الأوسط” وليس فقط حرب غزة أو الحرب المبسترة ضد المنظومات المسلحة أو حلقات النار حول إسرائيل، ليس هذا وحسب إنما كان لدى أمريكا الهدف الذي تبناه نتنياهو من أجل تغيير وجه الشرق الأوسط، وهذا هو السجال الموجود الآن.
لذلك فالحرب التي قادها الإسرائيليون قادوها أمريكياً، يعني استراتيجية أمريكية بالكامل، ولم يكن فيها الجيش الاسرائيلي إلا مُسخّراً. اليوم هليفي يقول أن الخطة الأمريكية هي التي قدّتها بدعم من جالانت، وهذا أمر قائم وواضح الآن، وهذه هي الزاوية التي يتحمل فيها الأمريكيون الإبادة الجماعية في غزة، ولذلك قال ترامب وكان صادقاً “إنها حربهم” أي أنها حرب بايدن والحزب الديمقراطي، أي أن حرب الإبادة الجماعية قام بها الأمريكي بقرار سياسي، وهو ما كشفته هذه التسريبات اليوم.